لما سار هرقل إلى القسطنطينية وفارق الشأم واستولى المسلمون على الإسكندرية وبقي الروم بها تحت أيديهم فكاتبوا هرقل فاستنجدوه فبعث إليهم عسكرا مع منويل الخصى ونزلوا بساحل الإسكندرية لمنعهم المقوقس من الدخول إليه فساروا إلى مصر ولقيهم عمرو بن العاصي والمسلمون فهزموهم واتبعوهم إلى الإسكندرية وأثخنوا فيهم بالقتل وقتل قائدهم منويل الخصى وكانوا قد أخذوا في مسيرهم إلى مصر أموال أهل القرى فردها عمرو عليهم بالبينة ثم هدم سور الإسكندرية ورجع إلى مصر * (ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينية وآذربيجان) * وفي سنة خمس وعشرين عزل عثمان سعدا عن الكوفة لأنه اقترض من عبد الله بن مسعود من بيت المال قرضا وتقاضاه ابن مسعود فلم يوسر سعد فتلاحيا وتناجيا بالقبيح وافترقا يتلاومان وتداخلت بينهما العصبية وبلغ الخبر عثمان فعزل سعدا ثم عزل عتبة بن فرقد عن آذربيجان فنقضوا فغزاهم الوليد وعلى مقدمته عبد الله بن شبيل الأحمسي فأغار على أهل موقان والبرزند والطيلسان ففتح وغنم وسبى وطلب أهل كور آذربيجان الصلح فصالحهم على صلح حذيفة ثمانمائة درهم وقبض المال ثم بث سراياه وبعث سلمان بن ربيعة الباهلي إلى اهل أرمينية في اثنى عشر ألفا فسار فيها وأثخن ثم انصرف إلى الوليد وعاد الوليد إلى الكوفة وجعل طريقه على الموصل فلقيه كتاب عثمان بأن الروم أجلبوا على معاوية بالشأم فابعث إليهم رجلا من أهل النجدة والبأس في عشرة آلاف عند قراءة المكتوب فبعث الوليد الناس مع سلمان بن ربيعة ثمانية آلاف ومضوا إلى الشأم ودخلوا أرض الروم مع حبيب بن مسلمة فشنوا عليهم الغارات واستفتحوا الحصون وقيل إن الذي أمد حبيب بن مسلمة بسلمان بن ربيعة هو سعيد بن العاصي وذلك أن عثمان كتب إلى معاوية أن يغزى حبيب بن مسلمة في أهل الشأم أرمينية فبعثه وحاصر قاليقلا حتى نزلوا على الجلاء أو الجزية فجلى كثيرا إلى بلاد الروم وأقام فيها فيمن معه أشهرا ثم بلغه أن بطريق أرميناقس وهي بلاد ملطية وسيواس وقونية إلى خليج قسطنطينية قد زحف إليه في ثمانين ألفا فاستنجد معاوية فكتب إلى عثمان فأمر سعيد بن العاصي بامداد حبيب فأمده بسلمان في ستة آلاف وبيت الروم فهزمهم وعاد إلى قالى قلا ثم سار في البلاد فجاء بطريق خلاط وبيده أمان عياض بن غنم وحمل ما عليه من المال فنزل حبيب خلاط ثم سار منها فصالحه صاحب السيرجان ثم صاحب اردستان ثم صالح أهل دبيل بعد الحصار ثم أهل بلاد السيرجان كلهم ثم أتى أهل شمشاط فحاربوه فهزمهم وغلب على حصونهم ثم صالحه بطريق خرزان على بلاده وسار إلى تفليس فصالحوه وفتح عدة حصون ومدن تجاورها وسار ابن ربيعة الباهلي
(١٢٧)