تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١١٨
يبنون البيت والمذبح على حدودها وقربوا القرابين وكان كورش بعد ذلك يطلق لهم في كل سنة من الحنطة والزيت والبقر والغنم والخمر ما يحتاجون إليه في خدمة البيت ويطلق لهم جراية واسعة وجرى ملوك الفرس بعده على سنته في ذلك الا قليلا في أيام أخشو يروش منهم كان وزيره هامان وكان من العمالقة وكان طالوت قد استخلفهم بأمر الله فكان هامان يعاديهم لذلك وعظمت سعايته فيهم وحمله على قتلهم وكان مردخاى من رؤسائهم قد زوج أخته من الرضاع لأخشو يروش فدس إليها مردخاى أن تشفع إلى الملك في قومها فقبلها وعطف عليهم وأعادهم إلى أن انقرضت دولة الفرس بمهلك دارا واستولى بنو يونان بمهلك دارا على ملك فارس وملك الإسكندر بن فيلفوس ودوخ الأرض وفتح سواحل الشأم وسار إلى بيت المقدس لأنها من طاعة دارا وخاف الكهنة من وصوله إليهم ورأى في بعض تمثال رجلا فقال أنا رجل أرسلت لمعونتك ونهاه عن أذية المقدس وأوصاه بامتثال إشارتهم فلما وصل إلى البيت لقيه الكوهن فبالغ في تعظيمه ودخل معه إلى الهيكل وبارك عليه ورغب إليه الإسكندر أن يضع هنا لك تمثاله من الذهب ليذكر به فقال هذا حرام لكن تصرف همتك في مصالح الكهنة والمصلين ويجعل لك من الذكر دعاؤهم لك وأن يسمى كل مولود لبنى إسرائيل في هذه السنة بالإسكندر فرضى الإسكندر وحمل لهم المال وأجزل عطية الكوهن وسأله أن يستخير الله في حرب دارا فقال له امض والله مظفرك وحض دانيال وقص عليه الإسكندر رؤيا رآها فأولها له بأنه يظفر بدارا ثم انصرف الإسكندر وسار في نواحي بيت المقدس ومر بنابلس ولقيه سنبلاط السامري وكان اهل المقدس أخرجوه عنهم فأضافه وأهدى له أموالا وأمتعة واستأذنه في بناء هيكل في طول بريد فأذن له فبناه وأقام صهره منشأ كوهنا فيه وزعم أنه المراد بقوله في التوراة اجعل البركة على جيل كريدم فقصده اليهود في الأعياد وحملوا إليه القرابين وعظم أمره وغص بشأنه اهل بيت المقدس إلى أن خربه هرمايوس بن شمعون أول ملوك بنى حسمناى كما يأتي ذكره ثم هلك الإسكندر ببابل بعد استيفاء مدته لثنتين وثلاثين من ملكه وقد كان قسم ملكه بين عظماء دولته فكان سلياقوس بعد الإسكندر وكان عظيم أصحابه فأكرم اليهود وحمل المال إلى فقراء البيت ثم سعى عنده بأن في الهيكل أموالا وذخائر نفيسة ورغبوه في ذلك فبعث عظيما من قواده اسمه أردوس ليقبض ذلك المال فحضر بالبيت وأنكر الكاهن حنينان أن يكون بالبيت الا بقية الصدقات من فارس ويونان وما أعطاهم سلياقوس آنفا فلم يقبل ووكل بهم في الهيكل فتوجهوا بالدعاء وجاء أردوس ليقبض المال فصدع في طريقه وجاء أصحابه إلى الكوهن حنينا وجماعة الكهنة
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»