المسلمون وغنموا ما فيه ثم بث السرايا ودوخ البلاد فأطاعوا وعاد إلى مصر ولما أصاب ابن أبي سرح من إفريقية ما أصاب ورجع إلى مصر خرج قسطنطين بن هرقل غازيا إلى إسكندرية في ستمائة مركب وركب المسلمون البحر مع ابن أبي سرح ومعه معاوية في أهل الشأم فلما تراءى الجمعان أرسوا جميعا وباتوا على أمان والمسلمون يقرؤن ويصلون ثم قرنوا سفنهم عند الصباح واقتتلوا ونزل الصبر واستحر القتل ثم انهزم قسطنطين جريحا في فل قليل من الروم وأقام ابن أبي سرح بالموضع أياما ثم قفل وسمى المكان ذات الصواري والغزوة كذلك لكثرة ما كان بها من الصواري وكانت هذه الغزاة سنة احدى وثلاثين وقيل أربع وثلاثين وسار قسطنطين إلى صقلية وعرفهم خبر الهزيمة فنكروه وقتلوه في الحمام * (فتح قبرص) * كان أبو عبيدة لما احتضر استخلف على عمله عياض بن غنم وكان ابن عمه وخاله وقيل استخلف معاذ بن جبل واستخلف عياض بعده سعيد بن حذيم الجمعي ومات سعيد فولى عمر مكانه عمير بن سعيد الأنصاري ومات يزيد بن أبي سفيان فجعل عمر مكانه على دمشق أخاه معاوية فاجتمعت له دمشق والأردن ومات عمر وهو كذلك وعمير على حمص وقنسرين ثم استعفى عمير عثمان في مرضه فأعفاه وضم حمص وقنسرين إلى معاوية ومات عبد الرحمن بن أبي علقمة وكان على فلسطين فضم عثمان عمله إلى معاوية فاجتمع الشأم كله لمعاوية لسنتين من امارة عثمان وكان يلح على عمر في غزو البحر وكان وهو بحمص كتب إليه في شان قبرص ان قرية من قرى حمص يسمع أهلها نباح كلاب قبرص وصياح دجاجهم فكتب عمر إلى عمرو بن العاصي صف لي البحر وراكبه فكتب إليه هو خلق كبير يركبه خلق صغير ليس إلا السماء والماء ان ركد فلق القلوب وان تحرك أزاغ العقول يزداد فيه اليقين قلة والشك كثرة وراكبه دود على عود ان مال غرق وان نجا برق فكتب عمر إلى معاوية والذي بعث محمدا بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدا وقد بلغني ان بحر الشأم يشرف على أطول شئ من الأرض فيستأذن الله كل يوم وليلة في أن يغرق الأرض فكيف أحمل الجنود على هذا الكافر وبالله لمسلم واحد أحب إلى مما حوت الروم فإياك أن تعرض لي في ذلك فقد علمت ما لقى العلاء منى ثم كاتب ملك الروم عمر وقاربه وأقصر عن الغزو ثم ألح معاوية على عثمان بعده في غزو البحر فأجابه على خيار الناس وطوعهم فاختار الغزو جماعة من الصحابة فيهم أبو ذر وأبو الدرداء وشداد بن أوس وعبادة بن الصامت وزوجه أم حرام بنت ملحان واستعمل عليهم عبد الله بن قيس حليف بنى فزارة وساروا إلى قبرص وجاء عبد الله بن أبي سرح من مصر
(١٣٠)