تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٢٣
الكهنونية والعامة وأنه يروم قتل أخيه وعلامة ذلك أنه جاء بسلاحه فعهد ارستبلوس إلى حشمائه وغلمان قصره أن جاء متسلحا أن يقتلوه وكان ذلك وتمت حيلة البطانة وسعايتهم عليه وعلم ارستبلوس ان قد خدع في أخيه فندم واغتم ولطم صدره حتى قذف الدم من فيه وأقام عليلا بعده حولا كاملا ثم هلك فأفرجوا على أخيه الإسكندر من محبسه وبايعوا له بالملك واستقام له الامر ثم انتقض عليه عكا وأهل صيدا وأهل غزة بعثوا إلى قبرص وسار الإسكندر إلى عكا فحاصرها وكانت كلوبطرة ملكة من بقية اليونان قد انتقض عليها ابنها واسمه الظيرو وأجاز البحر إلى جزيرة قبرص فملكها فبعث أهل عكا أنهم يملكونه وأجاز إليهم في ثلاثين ألف مقاتل حتى إذا أفرج الإسكندر عن حصارهم راجعوا أمرهم ومنعوا الظيروا من الدخول إليهم فسار في بلاد الإسكندر ونزل على جبل الخليل فقتل منه خلقا ونزل على الأردن وفي خلال ذلك زحف الإسكندر إلى صيدا ففتحها عنوة واستباحها وعاد إلى القدس وقد أطاعته البلاد وحسم داء المنتقضين عليه ثم تجددت الفتنة بين اليهود بالقدس وذلك انهم اجتمعوا في عيد المظال بالمسجد وحضر الإسكندر معهم فتلاعبوا بين يديه مراماة بما عندهم من مشموم ومأكول وأصاب الإسكندر رمية من الربانيين فغضب لها وشاتمهم القراؤن بما كانوا من شيعته فشتموا الإسكندر وقتلوا الشاتم وأصحابه فلم يغن عنهم وعظم فيهم الفتك وانفض الجمع وعهد الإسكندر ان يستد المذبح والكهنة بحائط عن الناس ونفذ أمره بذلك واتصلت الفتنة بين اليهود ست سنين قتل من الربانيين نحو من خمسين ألفا والإسكندر يعين القرائين عليهم وبعثوا إلى دمتريوس المسمى انطيخوس وبذلوا له المال فسار معهم إلى نابلس ولقى الإسكندر فهزمه وقتل عامة أصحابه ورجع فخرج الإسكندر إلى الربانيين وأثخن فيهم وظفر منهم بجماعة تزيد على ثلثمائة فقتلهم صبرا وقهر سائر اليهود وسار إلى دمتريوس ففتح الكثير من بلاده وخرج فظفر به الإسكندر وقتله وعاد إلى بيت المقدس لثلاث سنين في محاربة الربانيين ودمتريوس فاستقام أمره وعظم سلطانه ثم طرقه المرض فقام عليلا ثلاثا آخرين وخرج بعدها لحصار بعض الحصون وانتقضوا عليه فمات هنا لك وأوصى امرأته الاسكندرة بكتمان موته حتى يفتح الحصن وتسير بشلوه إلى القدس فتدفنه فيه وتصانع الربانيين على ولدها فتملكه لان العامة إليهم أميل ففعلت ذلك واستدعت من كان نافرا من الربانيين وجمعتهم وقدمتهم للشورى واستبدت بالملك وكان لها ابنان من الإسكندر بن هرقانوس اسم الأكبر منهما هرقانوس والآخر ارستبلوس وكانا صغيرين عند موت أبيهما فلما كبرا عينت هرقانوس للكهنونة وقدمت ارستبلوس على العساكر والحروب وضمت إليه الربانيين وأخذت الرهن من جميع الأمم
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»