وفي المادة الموضوعة عندهم للعلاج المسماة عندهم بالحجر المكرم هل هي العذرة أو الدم أو الشعر أو البيض أو كذا أو كذا مما سوى ذلك وجملة التدبير عندهم بعد تعين المادة أن تمهى بالفهر على حجر صلد أملس وتسقى أثناء إمهائها بالماء وبعد أن يضاف إليها من العقاقير والأدوية ما يناسب القصد منها ويؤثر في انقلابها إلى المعدن المطلوب ثم تجفف بالشمس من بعد السقي أو تطبخ بالنار أو تصعد أو تكلس لاستخراج مائها أو ترابها فإذا رضي بذلك كله من علاجها وتم تدبيره على ما اقتضته أصول صنعته حصل من ذلك كله تراب أو مائع يسمونه الإكسير ويزعمون أنه إذا ألقي على الفضة المحماة بالنار عادت ذهبا أو النحاس المحمى بالنار عاد فضة على ما قصد به في عمله ويزعم المحققون منهم أن ذلك الإكسير مادة مركبة من العناصر الأربعة حصل فيها بذلك العلاج الخاص والتدبير مزاج ذو قوى طبيعية تصرف ما حصلت فيه إليها وتقلبه إلى صورتها ومزاجها وتبث فيه ما حصل فيها من الكيفيات والقوى كالخميرة للخبز تقلب العجين إلى ذاتها وتعمل فيه ما حصل لها من الانفشاش والهشاشة ليحسن هضمه في المعدة ويستحيل سريعا إلى الغذاء وكذا إكسيد الذهب والفضة فيما يحصل فيه من المعادن يصرفه إليهما ويقلبه إلى صورتهما هذا محصل زعمهم على الجملة فتجدهم عاكفين على هذا العلاج يبتغون الرزق والمعاش فيه ويتناقلون أحكامه وقواعده من كتب لائمة الصناعة من قبلهم يتداولونها بينهم ويتناظرون في فهم لغوزها وكشف أسرارها إذ هي في الأكثر تشبه المعمى كتأليف جابر بن حيان في رسائله السبعين ومسلمة المجريطي في كتابة رتبة الحكيم والطغرائي والمغيربي في قصائده العريقة في إجادة النظم وأمثالها ولا يحلون من بعد هذا كله بطائل منها. ففاوضت يوما شيخنا أبا البركات التلفيقي كبير مشيخة الأندلس في مثل ذلك ووقفته على بعض التآليف فيها فتصفحه طويلا ثم رده إلي وقال لي وأنا الضامن له أن لا يعود إلى بيته إلا بالخيبة ثم منهم من يقتصر في ذلك على الدلسة فقط إما الظاهرة كتمويه الفضة بالذهب أو النحاس بالفضة أو خلطهما على نسبة جزء أو جزءين أو ثلاثة أو الخفية كإلقاء الشبه بين المعادن بالصناعة مثل تبييض النحاس وتلبيسه بالزوق المصعد فيجئ جسما معدنيا
(٥٢٥)