تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٥٢٣
يكتنفان به من الناظر فأين التحصيل والحذق فيه مع هذه كلها ومدعى ذلك من الناس مردود على عقبه ولا شاهد له يقوم بذلك لغرابة الفن بين أهل الملة وقلة حملته فاعتبر ذلك يتبين لك صحة ما ذهبنا إليه والله أعلم بالغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. ومما وقع في هذا المعنى لبعض أصحابنا من أهل العصر عند ما غلب العرب عساكر السلطان أبي الحسن وحاصروه بالقيروان وكثر إرجاف الفريقين الأولياء والأعداء وقال في ذلك أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس أستغفر الله كل حين * قد ذهب العيش والهناء أصبح في تونس وأمسي * والصبح لله والمساء الخوف والجوع والمنايا * يحدثها الهرج والوباء والناس في مرية وحرب * وما عسى ينفع المراء فأحمدي يرى عليا * حل به الهلك والتواء وآخر قال سوف يأتي * به إليكم صبا رخاء والله من فوق ذا وهذا * يقضي لعبديه ما يشاء يا راصد الخنس الجواري * ما فعلت هذه السماء مطلتمونا وقد زعمتم * أنكم اليوم أملياء مر خميس على خميس * وجاء سبت وأربعاء ونصف شهر وعشر ثان * وثالث ضمه القضاء ولا نرى غير زور قول * أذاك جهل أم ازدراء إنا إلى الله قد علمنا * أن ليس يستدفع القضاء رضيت بالله لي إلها * حسبكم البدر أو ذكاء ما هذه الأنجم السواري * إلا عباديد أو إماء يقضى عليها وليس تقضي * وما لها في الورى اقتضاء ضلت عقول ترى قديما * ما شأنه الجرم والفناء وحكمت في الوجود طبعا * يحدثه الماء والهواء لم تر حلوا إزاء مر * تغذوهم تربة وماء
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»