تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٩٣
مركز العرب وأصلهم ومادتهم الاسلام ودولة بني أمية المجددين بالأندلس ملكهم القديم وخلافتهم بالمشرق ودولة العبيديين بإفريقية ومصر والشام والحجاز ولم تزل هذه الدولة إلى أن أصبح انقراضها متقاربا أو جميعا وكذلك انقسمت دولة بني العباس بدول أخرى وكان بالقاصية بنو ساسان فيما وراء النهر وخراسان والعلوية في الديلم وطبرستان وآل ذلك إلى استيلاء الديلم على العراقين وعلى بغداد والخلفاء ثم جاء السلجوقية فملكوا جميع ذلك ثم انقسمت دولتهم أيضا بعد الاستفحال كما هو معروف في أخبارهم وكذلك اعتبره في دولة صنهاجة بالمغرب وأفريقية لما بلغت إلى غايتها أيام باديس بن المنصور خرج عليه عمه حماد واقتطع ممالك العرب لنفسه ما بين جبل أوراس إلى تلمسان وملوية واختط القلعة بجبل كتامة حيال المسيلة ونزلها واستولى على مركزهم أشير بجبل تيطرى واستحدث ملكا آخر قسيما لملك آل باديس وبقي آل باديس بالقيروان وما إليها ولم يزل ذلك إلى أن انقرض أمرهما جميعا وكذلك دولة الموحدين لما تقلص ظلها ثار بإفريقية بنو أبي حفص فاستقلوا بها واستحدثوا ملكا لأعقابهم بنواحيها ثم لما استفحل أمرهم واستولى على الغاية خرج على الممالك الغربية من أعقابهم الأمير أبو زكرياء يحيى ابن السلطان أبي إسحاق إبراهيم رابع خلفائهم واستحدث ملكا بجباية وقسنطينة وما إليها أورثه بنيه وقسموا به الدولة قسمين ثم استولوا على كرسي الحضرة بتونس ثم انقسم الملك ما بين أعقابهم ثم عاد الاستيلاء فيهم وقد ينتهي الانقسام إلى أكثر من دولتين وثلاث وفي غير أعياص الملك من قومه كما وقع في ملوك الطوائف بالأندلس وملوك العجم بالمشرق وفي ملك صنهاجة بإفريقية فقد كان لآخر دولتهم في كل حصن من حصون أفريقية ثائر مستقل بامره كما تقدم ذكره وكذا حال الجريد والزاب من أفريقية قبيل هذا العهد كما نذكره وهكذا شان كل دولة لابد وأن يعرض فيها عوارض الهرم بالترف والدعة وتقلص ظل الغلب فينقسم أعياصها أو من يغلب من رجال دولتها الامر ويتعدد فيها الدول والله وارث الأرض ومن عليها الفصل السادس والأربعون في أن الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع قد قدمنا ذكر العوارض المؤذنة بالهرم وأسبابه واحدا بعد واحد وبينا أنها
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»