تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٣٠٤
ولا سوقة. ونص الكتاب (بسم الله الرحمن الرحيم) أما بعد فعليك بتقوى الله وحده لا شريك له وخشيته ومراقبته عز وجل ومزايلة سخطه واحفظ رعيتك في الليل النهار والزم ما ألبسك الله من العافية بالذكر لمعادك وما أنت صائر إليه وموقوف عليه ومسئول عنه والعمل في ذلك كله بما يعصمك الله عز وجل وينجيك يوم القيامة من عقابه وأليم عذابه فإن الله سبحانه قد أحسن إليك وأوجب الرأفة عليك بمن استرعاك أمرهم من عباده وألزمك العدل فيهم والقيام بحقه وحدوده عليهم والذب عنهم والدفع عن حريمهم ومنصبهم والحقن لدمائهم والأمن لسربهم وإدخال الراحة عليهم ومؤاخذك بما فرض عليك وموقفك عليه وسائلك عنه ومثيبك عليه بما قدمت وأخرت ففرغ لذلك فهمك وعقلك وبصرك ولا يشغلك عنه شاغل وإنه رأس أمرك وملاك شأنك وأول ما يوقفك الله عليه وليكن أول ما تلزم به نفسك وتنسب إليه فعلك المواظبة على ما فرض الله عز وجل عليك من الصلوات الخمس والجماعة عليها بالناس قبلك وتوابعها على سننها من إسباغ الوضوء لها وافتتاح ذكر الله عز وجل فيها ورتل في قراءتك وتمكن في ركوعك وسجودك وتشهدك ولتصرف فيه رأيك ونيتك واحضض عليه جماعة ممن معك وتحت يدك وادأب عليها فإنها كما قال الله عز وجل تنهى عن الفحشاء والمنكر ثم اتبع ذلك بالأخذ بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمثابرة على خلائقه واقتفاء أثر السلف الصالح من بعده وإذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة الله عز وجل وتقواه وبلزوم ما أنزل الله عز وجل في كتابه من أمره ونهيه وحلاله وحرامه وائتمام ما جاءت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قم فيه بالحق لله عز وجل ولا تميلن عن العدل فيما أحببت أو كرهت لقريب من الناس أو لبعيد وآثر الفقه وأهله والدين وحملته وكتاب الله عز وجل والعاملين به فإن أفضل ما يتزين به المرء الفقه في الدين والطلب له والحث عليه والمعرفة بما يتقرب به إلى الله عز وجل فإنه الدليل على الخير كله والقائد إليه والآمر به والناهي عن المعاصي والموبقات كلها ومع توفيق الله عز وجل يزداد المرء معرفة وإجلالا له ودركا للدرجات العلى في المعاد مع ما في ظهوره للناس من التوقير لأمرك والهيبة لسلطانك والأنسة بك والثقة بعد لك وعليك بالاقتصاد في الأمور كلها فليس شئ أبين
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»