تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ١٧٣
ما نقله المسعودي والطبري وغيرهما في أعراس المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل وما بذل أبوها لحاشية المأمون حين وافاه في خطبتها إلى داره بفم الصلح وركب إليها في السفين وما أنفق في أملاكها وما نحلها المأمون وأنفق في عرسها تقف من ذلك على العجب فمنه أن الحسن بن سهل نثر يوم الاملاك في الصنيع الذي حضره حاشية المأمون فنثر على الطبقة الأولى منهم بنادق المسك ملثوثة على الرقاع بالضياع والعقار مسوغة لمن حصلت في يده يقع لكل واحد منهم ما أداه إليه الاتفاق والبخت وفرق على الطبقة الثانية بدر الدنانير في كل بدرة عشرة آلاف وفرق على الطبقة الثالثة بدر الدراهم كذلك بعد أن أنفق على مقامة المأمون بداره اضعاف ذلك ومنه أن المأمون أعطاها في مهرها ليلة زفافها ألف حصاة من الياقوت وأوقد شموع العنبر في كل واحدة مائة من وهو رطل وثلثان (1) وبسط لها فرشا كان الحصير منها منسوجا بالذهب مكللا بالدر والياقوت وقال المأمون حين رآه قاتل الله أبا نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول في صفة الخمر كأن صغرى وكبرى من فواقعها * حصباء در على أرض من الذهب وأعد بدار الطبخ من الحطب لليلة الوليمة نقل مائة وأربعين بغلا مدة عام كامل ثلاث مرات في كل يوم وفني الحطب لليلتين وأوقدوا الجريد يصبون عليه الزيت وأو عز إلى النواتية بإحضار السفن لإجازة الخواص من الناس بدجلة من بغداد إلى قصور الملك بمدينة المأمون لحضور الوليمة فكانت الحراقات (2) المعدة لذلك ثلاثين ألفا أجازوا الناس فيها أخريات نهارهم وكثير من هذا وأمثاله وكذلك عرس المأمون بن ذي النون بطليطلة نقله ابن سام في كتاب الذخيرة وابن حيان بعد أن كانوا كلهم في الطور الأول من البداوة عاجزين عن ذلك جملة لفقدان أسبابه والقائمين على صنائعه في غضاضتهم وسذاجتهم يذكر أن الحجاج أولم في اختتان بعض ولده فاستحضر بعض الدهاقين يسأله عن ولائم الفرس وقال أخبرني بأعظم صنيع شهدته فقال له نعم أيها الأمير شهدت بعض مرازبة كسرى وقد صنع لأهل

(1) قوله وثلثان الذي كتب في اللغة ان المن رطل وقيل رطلان ولم يوجد في النسخة التونسية ثلثان (2) الحراقات بالفتح جمع حرافة سفينة فيها مرامي نار يرمي بها العدو اه‍ مختار
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»