فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
الأنصاري الأندلسي الجياني نزيل فاس ولي خطابة فاس وهو صاحب كتاب شذور الذهب في صناعة الكيمياء توفي ثلاث وتسعين وخمسمائة لم ينظم أحد في الكيمياء مثل نظمه بلاغة معان وفصاحة ألفاظ وعذوبة تراكيب حتى قيل فيه إن لم يعلمك صنعة الذهب علمك صنعة الأدب وقيل هو شاعر الحكماء وحكيم الشعراء وقصيدته الطائية أبرزها في ثلاثة مظاهر مظهر غزل ومظهر قصة موسى والمظهر الذي هو الأصل في صناعة الكيمياء وهذا دليل على القدرة والتمكن وأولها * بزيتونة الدهن المباركة الوسطى * غنينا فلم نبدل بها الأثل والخمطا * * صفونا فآنسنا من الطور نارها * تشب لنا وهنا ونحن بذي الأرطى * * فلما أتيناها وقرب صبرنا * على السير من بعد المسافة ما اشتطا * * نحاول منها جذوة ما ينالها * من الناس من لا يعرف القبض والبسطا * * هبطنا من الوادي المقدس شاطئا * إلى الجانب الغربي نمتثل الشرطا * * وقد أرج الأرجاء منها كأنها * لطيب شذاها تحرق العود والقسطا * * وقمنا فألقينا العصا في طلابها * إذا هي تسعى نحوها حية رقطا * * وثار لطيف النقع عند اهتزازها * وأظلم من نور الظهيرة ما غطى * * ومد إليها الفيلسوف يمينه * فجاذبها أخذا وأوسعها ضعفا * * فصارت عصا في كفه وأحبها * فأخرجها بيضاء تجلو الدجى كشطا * * فلم أر ثعبانا أذل لعالم * سواها ولا منها على جاهل أسطى * * هي المركب الصعب المرام وإنها * ذلول ولكن لا لكل من استمطى * * فأعجب بها من آية لمفكر * يقصر عن إدراكها كل من أخطا * * وتفجيرها من صخرة عشر أعين * وثنتين تسقى كل واحدة سبطا *
(١٥٦)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»