* وتفليقها رهوا من البحر فاستوى * طريقا فمن ناج ومن هالك غمطا * * فتلك عصانا لا عصا خيزرانة * على أنها في كف ممسكها ألطا * * وقد كان للزيتون فيها قساوة * ولكن لين الدهن صيرها نقطا * * تسيل بماء الخد أبيض صافيا * إذا ما شرطناها على ساقها شرطا * * ومن قبل ما أغوى أبانا بذوقها * جذاذا فأخطأ والقضاء فما أخطا * * قطفت جناها واعتصرت مياهها * فجمدت ما استعلى وذوبت ما انحطا * * ولينة الأعطاف قاسية الحشا * إذا نفثت في الصخر تصدعه هبطا * * كأن عليها من زخاريف جلدها * رداء من الوشى المفوف أو مرطا * * توصل إبليس بها في هبوطه * إلى الأرض من عدن ففارقها سخطا * * أمت بها حيا وسودت أبيضا * وأسرفت في قلع السواد فما أبطا * * وأحييت تلك الأرض من بعد موتها * برى وكانت تشتكي الجدب والقحطا * * كأن العيون الثابتات بخصرها * عقدن نطاقا أو على جيدها سمطا * * كأن من البدر المنير مشابها * ومن أنجم الجوزاء في أذنها قرطا * * كأن من الصدغ الذي فوق خدها * على ورده نونا ومن خاله نقطا * * ظفرت بها بالنفس من جسم أمها * كما ظفرت بالقلب في صدره لقطا * * وأرضعتها بالدر من ثدي بنتها * فعاشت وكانت قبل ماتت به عبطا * * فحلت به روح الحياة كأنما * مزجت لها في ذلك الدر إسفنطا * * وصيرتها بنتا وصيرت بنتها * لها مرضعا فاعجب لمرضعة شمطا * * فحالت هناك البنت والأم فضة * فتى لم يزاحمه العذار ولا خطا * * له منظر كالشمس يعطى ضياءه * وليس كمثل البدر يأخذ ما أعطى * * فهذا الذي أعيا الأنام فأضمروا * لمن وضع الأرماز في علمه سخطا * * وهذا هو الكنز الذي وضعوا له * برابي إخميم وخصوا بها قفطا * * وتخليصه سهل بغير مشقة * لمن عرف التطهير والعقد والخلطا * * أبا جعفر خذها إليك يتيمة * تورع لوقا أن يورثها قسطا * * ولكنني لما رأيتك أهلها * سمحت بها لفظا وأثبتها خطا *
(١٥٧)