وملك دمياط سنة سبع وأربعين وستمائة واتفق موت الملك الصالح نجم الدين أيوب وتملك المعظم توران شاه الآتي ذكره في موضعه وأسر الفرنسيس فبقى في أيدي المسلمين مدة ثم أطلق بعد تسليم دمياط إلى المسلمين وتوجه إلى بلاده وفي قلبه النار مما جرى عليه من ذهاب أمواله وقتل رجاله وأسره فبقيت نفسه تحدثه بالعود إلى مصر لأخذ ثأره فاهتم بذلك اهتماما عظيما في مدة سنين إلى سنة ستين وستمائة فقصد مصر فقيل له إن قصدت مصر ربما يجري لك مثل النوبة الأولى والصواب أن تقصد تونس وكان ملكها محمد بن يحيى الملقب ب المستنصر فإنك إن ظفرت به تمكنت من قصد مصر في البر والبحر فقصد تونس وكاد يستولى عليها ومعه جماعة من الملوك فأوقع الله في عسكره وباء عظيما فهلك الفرنسيس سنة إحدى وستين وستمائة ورجع من بقي من عسكره إلى بلادهم ووصلت البشرى بذلك إلى الملك الظاهر ولما أسر الفرنسيس نوبة دمياط تسلمه الطواشي جمال الدين صبيح المعظمي ووضع في رجليه قيدا وسجنه في الدار التي كان فيها فخر الدين بن لقمان كاتب الإنشاء فلذلك قال الصحاب جمال الدين بن مطروح لما بلغ المسلمين عودة الفرنسيس في المرة الثانية * قل للفرنسيس إذا جئته * مقال حق من مقول فسيح * * آجرك الله على ما جرى * من قتل عباد يسوع المسيح * * أتيت مصر تبتغي ملكها * تزعم أن الزمر يا طبل ريح * * فساقك الحين إلى أدهم * ضاق به عن ناظريك الفسيح * * وكل أصحابك أوردتهم * بسوء أفعالك بطن الضريح * * خمسون ألفا لا يرى منهم * إلا قتيل أو أسير جريح * * وفقك الله لأمثالها * لعل عيسى منكم يستريح * * إن كان بابكم بذا راضيا * فرب غش قد أتى من نصيح * * وقل لهم إن أضمروا عودة * لأخذ ثأر أو لقصد صحيح * * دار ابن لقمان على حالها * والقيد باق والطواشي صبيح * واشتهرت هذه الأبيات وسارت بها الركبان خصوصا البيت الأخير فلهذا
(٢٤٨)