الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٩ - الصفحة ٦٧
* لعل مقالا آخرا مثل أول * تغذبه فرسانه ونجائبه * * أخادع دمعي راجيا وأكفه * بهدب جفوني جاريا وأغالبه * * تذكر نعمى سافرات وجوهها * إلي وجود باسمات مواهبه * * فلما بدا من تحت من في ضريحه * وجمت وقلبي بالوجيب يجاوبه * * ظللت كأن السيف غنى ذبابه * وقدر قصت أحشاؤه وترائبه * * وما هو إلا البين زمت ركابه * وطارت به في الخافقين نواعبه * * وما الليل في الآفاق إلا حداده * وما هذه الأيام إلا أشايبه * * تمادت لديه راجفات رماحه * وناحت عليه صاهلات سلاهبه * * وشقت جيوب الفضل وجدا وأصبحت * أرامل منه عينه وكواعبه * * ونامت عيون الرعف بعد سهادها * فما راعها من وابل النبل خاضبه * * كأن غديرا سر كل مفاضة * تجعد وهنا بالنسيم جوانبه * * فلله يوما أسمع الصم خطبه * وأفهم حتى أفحم الخلق خاطبه * * وما خلت أن الشمس تكسفها يد * ولا أن نجم الأفق يخفيه طالبه * * خبا بعد ما عم الفضاء شهابه * ونور حتى ظلمة الظلم ثاقبه * * ولم يك فينا يوسف غير يوسف * لكف زمان موبقات مساغبه * * وقد كان لا يعصى وإن شق أمره * مضاء ولا تحصى ثناء مناقبه * * فكم أجل ناء قضاه حسامه * ورق كريم جود كفيه واهبه * * وجيش حشاه السمهرية والظبا * فخطيه تردي الأسود ثعالبه * * لقد جل قدر الموت بعد خموله * فكل منيع باذخ فهو غاصبه * * أبعد ابن أيوب يصاغ مديحه * وحاشاك أو عيش تساغ مشاربه * * كأن لم يعده عن كماة عداته * وقد دميت أنيابه ونوائبه * * ولا سار سير العبد تحت ركابه * إلى كل ذي ملك تدب عقاربه * * عجبت له لم تغنه سطواته * ولم تثنه آراؤه وتجاربه * * ويغتاله المقدار لا هو دافع * بوادره عنه ولا ذاك هائبه * * وكيف أطاعته عوائد جهله * إلى أن تخطى سيفه وهو نائبه * * لها لذ طعم الشكل من كل هالك * فما شاء فلتجلب عليه مصائبه *
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»