الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٩ - الصفحة ٦٩
63 - ضياء الدين خطيب بيت الأبار يوسف بن أبي بكر القاضي ضياء الدين ابن خطيب بيت الأبار رئيس كبير وجواد مفضال وصدر رحيب الباع في المكارم أخلاقه ترشف سلافا وطباعه تلين كالغصون انعطافا لم أر في عصري ولا عاصرت في عمري من له سيادته ولا فيه مكارمه أعجب ما رأيت فيه بعد المروة الزائدة والجود المفرط أنه يعامل عدوه وصديقه بمعاملة واحدة يملك نفسه ولا يتأثر بحادثة تنزل به وشكله تام ولما توجه إلى مصر لم يجد الشاميون ملجأ غيره ولا كهفا يأوون إليه سواه وكان في ديوان تنكز يباشر وله سيادة وداره مألف الضيفان ومأوى الأصحاب متى جاء الإنسان إلى منزله وجد كل ما يختاره إن كان هو فيه أو لم يكن يجد جميع ما يدعوه إلى أن يروح ولما تولى القاضي جلال الدين رحمه الله قضاء القضاة بالشام ولاه نظر الصدقات فضبطها وأجمل مباشرتها فلما طلب القاضي إلى مصر وتولى قضاء القضاة بالقاهرة طلبه من السلطان فرسم بإحضاره على البريد فتوجه إليها في سنة سبع وعشرين وسبع مائة وولي نظر الصدقات والأوقاف بالقاهرة وساد في مصر ورأس في القاهرة وأحبه المصريون لمكارمه وحلمه وولاه السلطان الملك الناصر مطابخ السكر وولاه نظر الأهراء مع ما بيده من القاضي جلال الدين وتولى نظر البيمارستان المنصوري فسلك فيه أحسن سلوك ورافق فيه الأمير جمال الدين نائب الكرك وبعده الأمير علم الدين الجاولي ثم الأمير بدر الدين جنكلي ابن البابا ووقع بينهما وعزل منه في الأيام الصالحية ثم تولاه ثانيا ورافق فيه الأمير سيف الدين أرقطاي وتولى أيام السلطان الملك الناصر حسبة القاهرة ومصر وكان قبلها محتسب القاهرة مع البيمارستان فلما كان الغلاء في سنة ست وثلاثين وسبع مائة جمع له السلطان بين الحسبتين ولما خرج القاضي جلال الدين من القاهرة تعصب عليه النشو وغيره وأخذوا منه الحسبتين ونظر الأوقاف والصدقات وأبقوا عليه البيمارستان فلما كان في أيام الصالح ولاه نظر الدولة مع نظر البيمارستان فباشر ذلك مديدة ثم استعفى فأعفاه ثم ولاه الجوالي مع حسبة القاهرة والبيمارستان ثم إنه وقع بينه وبين الأمير بدر الدين جنكلي فعزل من الجميع في أواخر دولة الصالح ولزم بيته فلما كان في أيام الكامل وخلع الكامل تولى القاضي قضاء الدين نظر البيمارستان والحسبة على عادته ثم إن علاء الدين ابن الأطروش نازعه في وظائفه مرات وتولاها ثم أعيدت إليه ثم إن الأمير سيف الدين صرغتمش اعتمد عليه في الأوقاف بمصر والشام وكان يدخل في كل قليل إلى السلطان ويخرج من عنده بتشريف وزاد عظمة ووجاهة وبالغ في إكرامه وتقديمه
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»