* إلى بلاد أجابت قبل أن دعيت * للخاطبين ولولا الخوف لم تجب * * لو لم تجب يوسفا من قبل دعوته * لعاد عامرها كالجوسق الخرب * * خافت وخاف وفر المالكون لها * فالمدن في رهب والقوم في حرب * * ثم استجابت فلا حصن بممتنع * منها عليه ولا ملك بمحتجب * * وأصبحوا منه في هم وصبحهم * وهم سكارى بكأس اللهو والطرب * * تفرغوا لنعيم العيش واشتغلوا * عن الثغور بلثم الثغر والشنب * * أرض الجزيرة لم تظفر ممالكها * بمالك فطن أو سائس درب * * ممالك لم يدبرها مدبرها * إلا برأس خصي أو بعقل صبي * * حتى أتاها صلاح الدين فانصلحت * من الفساد كما صحت من الوصب * * واستعمل الجد فها غير مكترث * بالجد حتى كأن الجد كاللعب * * وقد حواها وأعطى بعضها هبة * فهو الذي يهب الدنيا ولم يهب * * يعطي الذي أخذت منه ممالكه * وقد يمن على المسلوب بالسلب * * ويمنح المدن في الجدوى لسائله * كما ترفع في الجدوى عن الذهب * * ومذ رأت صده عن ربعها حلب * ووصله لبلاد حلوة الحلب * * غارت عليه ومدت كف مفتقر * منها إليه وأبدت وجه مكتئب * * واستعطفته فوافتها عواطفه * وأكتب الصلح إذ نادته عن كثب * * وحل منها بأفق غير منخفض * للصاعدين وبرج غير منقلب * * فتح الفتوح بلا مين وصاحبه * ملك الملوك ومولاها بلا كذب * * ومعجز كم أتانا منه مشبهه * فصار لا عجبا من فضله العجب * * تهن بالفتح يا أولى الأنام به * فالفتح إرثك عن آبائك النجب * * فافخر ففتحك ذا فخر لمفتخر * ذخر لمدخر كسب لمكتسب * * بك العواصم ذابت بعدما خبثت * بمالكيها ولولا أنت لم تطب * * فليت كل صباح ذر شارقه * فداء ليل فتى الفتيان في حلب * * إني أحب بلادا أنت ساكنها * وساكنيها وليسوا من ذوي نسب * * إلا لأنك قد أصبحت مالكها * دون الأنام وهل حب بلا سبب * * فجود كفك ذخري في يدي ويدي * وحب بيتك إرث عن أبي وأبي *
(٦٥)