على أن الناس كلهم ولما أمسك صرغتمش قبض عليه وعصر وضرب وأخذ منه شيء قليل ثم رسم بتوجهه إلى قوص فتوجه إليها وأقام بها سنة وأكثر ثم رسم بعوده إلى القاهرة وأقام في بيته بطالا إلى أن توفي رحمه الله في ذي الحجة سنة إحدى وستين وسبع مائة تغمده الله بالرحمة والرضوان وخرج له الشيخ شهاب الدين المحدث أحمد بن أيبك الدمياطي أربعين حديثا عن أشياخه الذين سمع منهم صغيرا ونظم على أحاديثها ووسع العبارة فيها فجاءت مجلدة جيدة وجودها وحدث بها في داره بالقاهرة وسمعتها من لفظه على القاضي ضياء الدين في جملة من سمع وكتبت أنا عليها ووقفت على هذا التخريج الذي لا يرده ناظر ولا يدفع أدلته مناظر ولا يستغني عنه مذاكر ولا محاضر ولا يشبه حسنه إلا الرياض النواضر على أنه لمعة من شهاب وهمعة من سحاب وجرعة من شراب ودفعة من عباب لأن مخرجه شهاب الدين زين ليل العلم الداج وبحر ألفاظه درر وفوائده أمواج فلو عاصره ابن عساكر لم يذاكر أو الخطيب لما كان يطيب أو ابن الجوزي لانكسر قلبه وذهب لبه أو ابن نقطة لغرق في بحر وبله بقطره أو الحاكم لقضي له بالتفضيل ولم ينظر في جرح ولا تعديل خرجه لمولى حمل البلدين ورئيس يوضع تاج سيادته على مفرق الفرقدين (من الوافر) * كريم ساد بالإفصال حتى * غدا في مجده بادي السناء * * له ذكر يطبق كل أرض * فيملأ جوها طيب الثناء * * فما تخفى علاه على بصير * وإن تخفى فذو حسد يرائي * * وهبني قلت هذا الصبح ليل * أيعمى العالمون عن الضياء * فلا أعلم تخريجا أحسن منه ولا جزءا غيره كل الفوائد تؤخذ عنه جمع فيه بين الرواية والدراية وبلغ فيه إلى غاية تدل على أنه آية فالله يشكر سعيه ويتولى بعينه رعيه بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى ولما كنت في الديار المصرية في سنة خمس وأربعين وسبع مائة في أيام السلطان الملك الصالح إسماعيل كتبت له توقيعا بنظر الجوالي بالقاهرة ومصر والوجهين قبليا وبحريا ونسخته الحمد لله الذي جمل أيامنا الزاهرة بضيائها وكمل دولتنا القاهرة بمحاسن أوليائها وجعل نعمنا الغامرة تكاثر الغمام بالإبهاء وضوء ممالكنا العامرة بمن يجمل النظر فيما يتولاه من نواحيها وأرجائها نحمده على نعمه التي لا تزال تجول وتجود وتروم اختصاصنا بالمزيد من كرمها وترود وتؤم حرمنا بأفضالها فتصول بنصول النصر على الأسود وتسود
(٧٠)