مولودا وكانت ضلوع الكفار لنار جهنم وقودا وأسر الملك وبيده أوثق وثائقه وآكد وصله بالدين وعلائقه وهو صليب الصلبوت وقائد أهل الجبروت ما دهموا قط بأمر إلا وقام بين دهمائهم يبسط لهم باعه وكان مد اليدين في هذه الدفعة وداعه لا جرم أنهم يتهافت على ناره فراشهم ويجتمع في ظل ضلاله خشاشهم ويقاتلون تحت ذلك الصليب أصلب قتال وأصدقه ويرونه ميثاقا يبنون عليه أشد عهد وأوثقه ويعدونه سورا تحفر حوافر الخيل خندقه وفي هذا اليوم أسرت سراتهم ودهيت دهاتهم ولم يفلت منهم معروف إلا القومص وكان لعنه الله مليا يوم الظفر بالقتال ومليا يوم الخذلان بالاحتيال فنجا ولكن كيف وطار خوفا من أن يلحقه منسر الرمح أو جناح السيف ثم أخذه الله تعالى بعد أيام بيده وأهلكه لموعده فكان لعدتهم فذلك وانتقل من ملك الموت إلى مالك وبعد الكسرة مر الخادم على البلاد فطواها بما نشر عليها من الراية العباسية السوداء صبغا البيضاء صنعا الخافقة هي وقلوب أعدائها الغالبة هي وعزائم أوليائها المستضاء بأنوارها إذا فتح عينها النشر وأشارت بأنامل العذبات إلى وجه النصر فافتتح بلاد كذا وكذا وهذه كلها أمصار ومدن وقد تسمى البلاد بلادا وهي مزارع وفدن كل هذه ذوات معاقل ومعاقر وبحار وجزائر وجوامع ومنابر وجموع وعساكر يتجاوزها الخادم بعد أن يحرزها ويتركها وراءه بعد أن ينتهزها ويحصد منها كفرا ويزرع إيمانا ويحط من جوامعها صلبا ويرفع أذانا ويبدل المذابح منابر والكنائس مساجد ويبوىء أهل القرآن بعد أهل الصلبان للقتال عن دين الله مقاعد ويقر عينه وعيون أهل الإسلام أن يعلق النصر منه ومن عسكره بجار ومجرور وأن يظفر بكل سور ما كان يخاف زلزاله ولا زياله إلى يوم النفخ في الصور ولما لم يبق إلا القدس وقد اجتمع إليه كل طريد منهم وشريد واعتصم
(١٨٣)