وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ١٩٤
في دخوله إليه واكرمه واحترمه وكان من أكبر الفرنج وعقلائهم وكان يعرف بالعربية وعنده اطلاع على شيء من التواريخ والأحاديث وكان حسن التأتي لما حضر بين يدي السلطان وأكل معه الطعام ثم خلا به وذكر أنه مملوكه وتحت طاعته وأنه يسلم إليه المكان من غير تعب واشترط أن يعطى موضعا يسكنه بدمشق فإنه بعد ذلك لا يقدر على مساكنه الفرنج وإقطاعا يقوم به وبأهله وشروطا غير ذلك فأجابه إلى ذلك وفي أثناء شهر ربيع الأول وصله الخبر بتسليم الشوبك وكان السلطان قد أقام عليه جمعا يحاصرونه مدة سنة كاملة إلى أن نفذ زاد من كان فيه فسلموه بالأمان ثم ظهر للسلطان بعد ذلك أن جميع ما قاله صاحب الشقيف كان خديعة فرسم عليه ثم بلغه أن الفرنج قصدوا عكا ونزلوا عليها يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة خمس وثمانين وفي ذلك اليوم سير صاحب الشقيف إلى دمشق بعد الإهانة الشديدة وأتى عكا ودخلها بغتة لتقوى قلوب من بها وسير استدعى العساكر من كل ناحية فجاءته وكان العدو بمقدار ألفي فارس وثلاثين ألف راجل ثم تكاثر الفرنج واستفحل أمرهم وأحاطوا بعكا ومنعوا من يدخل إليها ويخرج وذلك يوم الخميس سلخ رجب فضاق صدر السلطان لذلك ثم اجتهد في فتح الطريق إليها لتستمر السابلة بالميرة والنجدة وشاور الأمراء فاتفقوا على مضايقة العدو لينفتح الطريق ففعلوا ذلك وانفتح الطريق وسلكه المسلمون ودخل السلطان عكا فأشرف على أمورها ثم جرى بين الفريقين مناوشات في عدة أيام وتأخر الناس إلى تل العياضية وهو مشرف على عكا وفي هذه المنزلة توفي الأمير حسام الدين طمان المقدم ذكره في هذه الترجمة وذلك ليلة نصف شعبان من سنة خمس وثمانين وخمسمائة وكان من الشجعان
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»