أدام الله تعالى أيام الديوان العزيز النبوي ولا زال مظفر الجد بكل جاحد غنيا بالتوفيق عن رأي كل رائد موقوف المساعي على اقتناء مطلقات المحامد مستيقظ النصر والنصل في جفنه راقد وارد الجود والسحاب على الأرض غير وارد متعدد مساعي الفضل وإن كان لا يلقى إلا بشكر واحد ماضي حكم العدل بعزم لا يمضي إلا بنبل غوي وريش راشد لا زالت غيوث فضله إلى الأولياء أنواء إلى المراتع وأنوارا إلى المساجد وبعوث رعبه إلى الإعداء خيلا إلى المراقب وخيالا إلى المراقد كتب الخادم هذه الخدمة تلو ما صدر عنه مما كان يجري مجرى التباشير لصبح هذه العزمة والعنوان لكتاب وصف النعمة فإنها بحر للأقلام فيه سبح طويل ولطف لحمل الشكر فيه عبء ثقيل وبشرى للخواطر في شرحها مآرب ويسرى للأسرار في إظهارها مسارب ولله تعالى في إعادة شكره رضا وللنعمة الراهنة به دوام لا يقال معه هذا مضى ولقد صارت أمور الإسلام إلى أحسن مصايرها وقد استتبت عقائد أهله على أبين بصائرها وتقلص ظل رجاء الكافر المبسوط وصدق الله أهل دينه فلما وقع الشرط وقع المشروط وكان الدين غريبا فهو الآن في وطنه والفوز معروضا فقد بذلت الأنفس في ثمنه وأمر أمر الحق وكان مستضعفا وأهل ربعه وكان قد عيف حين عفا وجاء أمر الله وأنوف أهل الشرك راغمة وأدلجت السيوف إلى الآجال وهي نائمة وصدق وعد الله في إظهار دينه على كل دين واستطارت له أنوار أبانت أن الصباح عندها جنان الجنين واسترد المسلمون تراثا كان عنهم آبقا وظفروا يقظة بما لم يصدقوا أنهم يظفرون به طيفا على النأي طارقا واستقرت على الأعلى أقدامهم وخفقت على الأقصى أعلامهم وتلاقت على الصخرة قبلهم وشفيت بها وإن كانت صخرة كما تشفى بالماء غللهم ولما قدم الدين عليها عرف منها سويداء قلبه وهنأ كفؤها الحجر الأسود بين عصمتها من الكافر بحربه
(١٨٠)