وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ١٨٦
يوفيه ورده المورود وأقيمت الخطبة يوم الجمعة رابع شعبان فكادت السماوات يتفطرن للسجود لا للوجوم والكواكب منها تنتثر للطرب لا للرجوم ورفعت إلى الله كلمة التوحيد وكانت طريقها مسدودة وطهرت قبور الأنبياء وكانت بالنجاسات مكدودة وأقيمت الخمس وكان التثليث يقعدها وجهرت الألسنة بالله أكبر وكان سحر الكفر يعقدها وجهر باسم أمير المؤمنين في وطنه الأشرف من المنبر فرحب به ترحيب من بر بمن بر وخفق علماه في حفافيه فلو طار سرورا لطار بجناحيه وكتاب الخادم وهو مجد في استفتاح بقية الثغور واستشراح ما ضاق بتمادي الحرب من الصدور فان قوى العساكر قد استنفدت مواردها وأيام الشقاء قد مردت مواردها والبلاد المأخوذة المشار إليها قد جاست العساكر خلالها ونهبت ذخائرها وأكلت غلالها فهي بلاد ترفد ولا تسترفد وتجم ولا تستنفد يتفق عليها ولا ينفق منها وتجهز الأساطيل لبحرها وتقام المرابط بساحلها ويدأب في عمارة أسوارها ومرمات معاقلها وكل مشقة بالإضافة إلى نعمة الفتح محتملة وأطماع الفرنج بعد ذلك غير مرجئة ولا معتزلة فان يدعوا دعوة يرجو الخادم من الله أنها لا تسمع ولن يكفوا أيديهم من أطراف البلاد حتى تقطع وهذه البشائر لها تفاصيل لا تكاد من غير الألسنة تتشخص ولا بما سوى المشافهة تتخلص فلذلك نفذ الخادم لسانا شارحا ومبشرا صادحا يطالع بالخبر على سياقته ويعرض جيش المسرة من طليعته إلى ساقته وهو فلان والله الموفق هذا ى خر الرسالة الفاضلية وكان في عزمي اختصارها والاقتصار على محاسنها فلما شرعت فيها قلت في نفسي عسى أن يقف عليها من يؤثر الوقوف على جميعها فأكملتها ورجعت عن الرأي الأول وهي قليلة الوجود
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»