وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ١٨١
وكان الخادم لا يسعى سعيه إلا لهذه العظمى ولا يقاسى تلك البؤسى إلا رجاء هذه النعمى ولا يناجز من يستمطله في حربه ولا يعاتب بأطراف القنا من يتعادى في عتبه إلا لتكون الكلمة مجموعة فتكون كلمة الله هي العليا وليفوز بجوهر الآخرة لا بالعرض الأدنى من الدنيا وكانت الألسن ربما سلقته فأنضج قلوبها بالاحتقار وكانت الخواطر ربما غلت عليه مراجلها فأطفأها بالاحتمال والاصطبار ومن طلب خطيرا خاطر ومن رام صفقة رابحة جاسر ومن سما لأن يجلي غمرة غامر وإلا فإن القعود يلين تحت نيوب الأعداء المعاجم فيعضها ويضعف في أيديها مهز القوائم فيفضها هذا إلى كون القعود لا يقضى به فرض الله في الجهاد ولا يرعى به حقه في العباد ولا يوفى به واجب التقليد الذي يطوقه الخادم من أئمة قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون وخلفاء كانوا في مثل هذا اليوم يسألون لا جرم أنهم أورثوا سرهم وسريرهم خلفهم الأطهر ونجلهم الأكبر وبقيتهم الشريفة وطليعتهم المنيفة وعنوان صحيفة فضلهم لا عدم سواد القلم وبياض الصحيفة فما غابوا لما حضر ولا غضوا لما نظر بل وصلهم الأجر لما كان به موصولا وشاطروها العمل لما كان عنه منقولا ومنه مقبولا وخلص إليهم إلى المضاجع فاطمأنت به جنوبها وإلى الصحائف ما عبقت به جيوبها وفاز منها بذكر لا يزال الليل به سميرا والنهار به بصيرا والشرق يهتدي بأن داره بل إن بدا نور من ذاته هتف به الغرب بأنواره فإنه نور لا تكنه أغساق السدف وذكر لا توازيه أوراق الصحف وكتب الخادم هذا وقد أظفر الله بالعدو الذي تشظت قناته شققا وطارت
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»