ثم حصل الانفصال عن الشام والرجوع إلى الديار المصرية وكان مدة المقام بدمشق المحروسة مدة عشر سنين كوامل لا تزيد يوما ولا تنقص يوما فاني دخلتها في التاريخ المذكور وخرجت منها بكرة نهار الخميس ثامن ذي القعدة من سنة تسع وستين وستمائة فلما وصلت إلى القاهرة صادفت بها كتبا كنت أوثر الوقوف عليها وما كنت أتفرغ لها فلما صرت أفرغ من حجام ساباط بعد أن كنت أشغل من ذات النحيين كما يقال في هذين المثلين طالعت تلك الكتب وأخذت منها حاجتي ثم تصديت لإتمام هذا الكتاب حتى كمل على هذه الصورة وأنا على عزم الشروع في الكتاب الذي وعدت به إن قدر الله تعالى ذلك والله يعين عليه ويسهل الطرق المؤدية إليه فمن وقف على هذا الكتاب من أهل العلم ورأى فيه شيئا من الخلل فلا يعجل بالمؤاخذة فيه فاني توخيت فيه الصحة حسبما ظهر لي مع أنه كما يقال أبى الله أن يصح إلا كتابه لكن هذا جهل المقل وبذل الاستطاعة وما يكلف الإنسان إلا ما تصل قدرته إليه وفوق كل ذي علم عليم وقد تقدم في أول هذا الكتاب الاعتذار عن الدخول في هذا الأمر والحامل عليه فأغنى عن إعادته ها هنا والله يستر عيوبنا بستر كرمه الضافي ولا يكدر علينا ما منحنا من مشرع أغضائه النمير الصافي إن شاء الله تعالى
(٢٥٩)