وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ١٨٤
بمنعتها كل قريب منهم وبعيد وظنوا أنها من الله مانعتهم وأن كنيستها إلى الله شافعتهم فلما نزلها الخادم رأى بلدا كبلاد وجمعا كيوم التناد وعزائم قد تأليت وتألفت على الموت فنزلت بعرصته وهان عليها مورد السيف وأن تموت بغصته فزاول البلد من كل جانب فإذا أودية عميقة ولجج وعر غريقة وسور قد انعطف عطف السوار وأبرجة قد نزلت مكان الواسطة من عقر الدار فعدل إلى جهة أخرى كان للطالع عليها معرج وللخيل فيها متولج فنزل عليها وأحاط بها وقرب منها وضرب خيمته بحيث يناله السلاح بأطرافه ويزاحمه السور باكنافه وقابلها ثم قاتلها ونزلها ثم نازلها وبرز إليها ثم بارزها وحاجزها ثم ناجزها وضمها ضمة ارتقب بعدها الفتح وصدع جمعها فإذا هم لا يبصبرون على عبودية الحد عن عنق الصفح فراسلوه ببذل قطيعة إلى مدة وقصدوا نظرة من شدة وانتظارا لنجدة فعرفهم الخادم في لحن القول وأجابهم بلسان الطول وقدم المنجنيقات التي تتولى عقوبات الحصون عصيها وحبالها وأوتر لهم قسيها التي ترمي ولا تفارقها سهامها ولكن تفارق سهامها نصالها فصافحت السور فإذا سهمها في ثنايا شرفاتها سواك وقدم النصر نسرا من المنجنيق يخلد إخلاده إلى الأرض ويعلو علوه إلى السماك فشج مرادع أبراجها وأسمع صوت عجيجها صم أعلاجها ورفع منار عجاجها فأخلى السور من السيارة والحرب من النظارة وأمكن النقاب أن يسفر للحرب النقاب وأن يعيد الحجر إلى سيرته الأولى من التراب فتقدم إلى الصخر فمضغ سرده بأنياب معوله وحل عقده بضربه الأخرق الدال على لطافة أنملة وأسمع الصخرة الشريفة أنينه واستغاثته إلى أن كادت ترق لمقتله وتبرأ بعض الحجارة من بعض واخذ الخراب عليها موثقا فلن تبرح الأرض وفتح من السور باب سد من نجاتهم أبوابا
(١٨٤)
مفاتيح البحث: الموت (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»