قلت وقد تقدم في ترجة أرتق طرف من أخبار القدس وأن الأفضل أمير الجيوش بمصر أخذه من ولديه سقمان وإيل غازي ثم إن الفرنج استولوا عليه يوم الجمعة الثالث والعشرين من شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وقيل في ثاني شعبان وقيل يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر رمضان من السنة ولم يزل بأيديهم حتى استنقذه منهم صلاح الدين في التاريخ المذكور نعود إلى كلام ابن شداد وكانت قاعدة الصلح أنهم قطعوا على نفسهم عن كل رجل عشرين دينارا وعن كل امرأة خمسة دنانير صورية عن كل صغير ذكر أو أنثى دينارا واحدا فمن أحضر قطيعته نجا بنفسه وإلا أخذ أسيرا وأفرج عمن كان بالقدس من أسارى المسلمين وكانوا خلقا عظيما وأقام به يجمع الأموال ويفرقها على الأمراء والرجال ويحبو بها الفقهاء والعلماء والزهاد والوافدين عليه وتقدم بايصال من قام بقطيعته إلى مأمنه وهي مدينة صور ولم يرحل عنه ومعه من المال الذي جبي له شيء وكان يقارب مائتي ألف دينار وعشرين ألفا وكان رحيله عنه يوم الجمعة الخامس والعشرين من شعبان من السنة ولما فتح القدس حسن عنده قصد صور وعلم أنه إن أخر أمرها ربما عسر عليه فسار نحوها حتى أتى عكا فنزل عليها ونظر في أمورها ثم رحل عنها متوجها إلى صور في يوم الجمعة خامس شهر رمضان من السنة فنزل قريبا منها وسير لإحضار آلات القتال ولما تكاملت عنده نزل عليها في ثاني عشر الشهر المذكور وقاتلها وضايقها قتالا عظيما واستدعى أصطول مصر فكان يقاتلها في البر والبحر ثم سير من حاصر هونين فسلمت في الثالث والعشرين من شوال من السنة ثم خرج أصطول صور في الليل فكبس أصطول المسلمين وأخذوا
(١٨٨)