لمصلحة رآها إلى الجانب الشمالي في يوم الجمعة العشرين من رجب ونصب المناجيق وضايق البلد بالزحف والقتال حتى أخذ النقب في السور مما يلي وادي جهنم ولما رأى أعداء الله ما نزل بهم من الأمر الذي لا مدفع له عنهم وظهرت لهم أمارات فتح المدينة وظهور المسلمين عليهم وكان قد اشتد روعهم لما جرى على أبطالهم وحماتهم من القتل والأسر وعلى حصونهم من التخريب والهدم وتحققوا أنهم صائرون إلى ما صار أولئك إليه فاستكانوا وأخلدوا إلى طلب الأمان واستقرت القاعدة بالمراسلة من الطائفتين وكان تسلمه في يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب وليلته كانت ليلة المعراج المنصوص عليها في القرآن الكريم فانظر إلى هذا الاتفاق العجيب كيف يسر الله تعالى عوده إلى المسلمين في مثل زمان الإسراء بنبيهم صلى الله عليه وسلم وهذه علامة قبول هذه الطاعة من الله تعالى وكان فتحه عظيما شهده من أهل العلم خلق ومن أرباب الخرق والزهد عالم وذلك أن الناس لما بلغهم ما يسره الله تعالى على يده من فتوح الساحل وقصده القدس قصده العلماء من مصر والشام بحيث لم يتخلف أحد منهم وارتفعت الأصوات بالضجيج بالدعاء والتهليل والتكبير وصليت فيه الجمعة يوم فتحه وخطب الخطيب قلت وقد تقدم في ترجمة القاضي محيي الدين محمد بن علي المعروف بابن الزكي ذكر الخطبة التي خطب بها ذلك اليوم فيكشف منه ورأيت في رسالة القاضي الفاضل المعروفة بالقدسية أن الخطبة أقيمت يوم الجمعة رابع شعبان والله أعلم وإذ قد ذكرنا فتوح القدس وقد تقدم ذكر الخطبة التي خطب يوم الجمعة بها يليق أن نذكر الرسالة التي كتبها القاضي الفاضل إلى الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد ابن الإمام المستضيء بأمر الله تتضمن الفتوح فإنها بديعة بليغة في بابها ولم أذكرها بكمالها بل اخترت منها أحسنها وتركت الباقي لأنها طويلة وهي
(١٧٩)