وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٨٨
وهذا البيت من جملة أبيات وله ديوان شعر صغير والوثيل الرشاء الضعيف وقيل الليف وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبر أبيه فما جاءه أحد واستجار به إلا نهض معه وساعده على بلوغ غرضه فمن ذلك ما حكاه المبرد في كتاب الكامل أن الحجاج بن يوسف الثقفي لما ولى تميم بن زيد القيني بلاد السند دخل البصرة فجعل يخرج من أهلها من شاء فجاءت عجوز إلى الفرزدق فقالت إني استجرت بقبر أبيك وأتت منه بحصيات فقال ما شأنك قالت إن تميم ابن زيد خرج بابن لي معه ولا قرة لعيني ولا كاسب علي غيره فقال لها وما اسم ابنك فقالت خنيس فكتب إلى تميم مع بعض من شخص (تميم بن زيد لا تكونن حاجتي * بظهر فلا يعيا علي جوابها) (وهب لي خنيسا واحتسب فيه منة * لعبرة أم ما يسوغ شرابها) (أتتني فعاذت يا تميم بغالب * وبالحفرة السافي عليها ترابها) (وقد علم الأقوام أنك ماجد * وليث إذا ما الحرب شب شهابها) فلما ورد الكتاب على تميم تشكك في الاسم فلم يعرف أخنيس أم حبيش ثم قال انظروا من له مثل هذا الاسم في عسكرنا فأصيب ستة ما بين خنيس وحبيش فوجه بهم إليه وحضر يوما الفرزدق ونصيب الشاعر المشهور عند سليمان بن عبد الملك الأموي وهو يومئذ خليفة فقال سليمان للفرزدق أنشدني شيئا وإنما أراد سليمان أن ينشده مدحا له فأنشده في مدح أبيه (وركب كأن الريح تطلب عندهم * لها ترة من جذبها بالعصائب) (سروا يخبطون الريح وهي تلفهم * إلى شعب الأكوار ذات الحقائب) (إذا آنسوا نارا يقولون إنها * وقد خصرت أيديهم نار غالب)
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»