وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٩١
(يوصل حبليه إذا جن ليله * ليرقى إلى جاراته بالسلالم) (تدليت تزني من ثمانين قامة * وقصرت عن باع العلا والمكارم) (هو الرجس يا أهل المدينة فاحذروا * مداخل رجس بالخبيثات عالم) (لقد كان إخراج الفرزدق عنكم * طهورا لما بين المصلى وواقم) فلما وقف الفرزدق على هذه القصيدة جاوبه بقصيدة طويلة يقول في جملتها (وإن حراما أن أسب مقاعسا * بآبائي الشم الكرام الخضارم) (ولكن نصفا لو سببت وسبني * بنو عبد شمس من مناف وهاشم) (أولئك أمثالي فجئني بمثلهم * وأعبد أن أهجو كليبا بدارم) ولما سمع أهل المدينة أبيات الفرزدق المذكورة أولا اجتمعوا وجاءوا إلى مروان بن الحكم الأموي وكان يومئذ والي المدينة من قبل معاوية بن أبي سفيان الأموي فقالوا له ما يصلح أن يقال مثل هذا الشعر بين أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوجب على نفسه الحد فقال مروان لست أحده أنا ولكن أكتب إلى من يحده ثم أمره بالخروج من المدينة وأجله ثلاثة أيام وفي ذلك يقول الفرزدق (توعدني وأجلني ثلاثا * كما وعدت لمهلكها ثمود) ثم كتب مروان إلى عامله يأمره فيه أن يحده ويسجنه وأوهمه أنه قد كتب له بجائزة ثم ندم مروان على ما فعل فوجه عنه سفيرا وقال إني قلت شعرا فاسمعه ثم أنشده (قل للفرزدق والسفاهة كاسمها * إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس)
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»