هجوهما بعمرو بن هند المذكور فلم يظهر لهما شيئا من التغير ثم مدحاه بعد ذلك فكتب لكل واحد منهما كتابا إلى عامله بالحيرة وأمره بقتلهما إذا وصلا إليه وأوهمهما أنه قد كتب لهما بصلة فلما وصلا إلى الحيرة قال المتلمس لطرفة كل واحد منا قد هجا الملك ولو أراد أن يعطينا لأعطانا ولم يكتب لنا إلى الحيرة فهلم ندفع كتبنا إلى من يقرؤها فإن كان فيها خير دخلنا الحيرة وإن كان فيها شر فررنا قبل أن يعلم بمكاننا فقال طرفة بن العبد ما كنت لأفتح كتاب الملك فقال المتلمس والله لأفتحن كتابي ولأعلمن ما فيه ولا أكون كمن يحمل حتفه بيده فنظر المتلمس فإذا غلام قد خرج من الحيرة فقال له أتقرأ يا غلام فقال نعم فقال هلم فاقرأ هذا الكتاب فلما نظر إليه الغلام قال ثكلت المتلمس أمه فقال لطرفة افتح كتابك فما فيه إلا مثل ما في كتابي فقال إن كان اجترأ عليك فلم يكن ليجترئ علي ويوغر صدور قومي بقتلي فألقى المتلمس صحيفته في نهر الحيرة وفر إلى الشام ودخل طرفة الحيرة فقتل وقصته في ذلك مشهورة فصار يضرب المثل بصحيفة المتلمس لكل من قرأ صحيفة فيها قتله وإلى هذا أشار الحريري في المقامة العاشرة بقوله ففضضتها فعل المتلمس من مثل صحيفة المتلمس وللأبله الشاعر المقدم ذكره في المحمدين قصيدة يقول فيها (يقرا المتيم من صحيفة خده * في الهجر مثل صحيفة المتلمس) رجعنا إلى تتمة خبر الفرزدق ثم خرج هاربا حتى أتى سعيد بن العاص الأموي وعنده الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم فأخبرهم الخبر فأمر له كل واحد منهم
(٩٣)