الطيب والنارجيل والفواكه التي لا تكون إلا عندهم، فأذعنوا إليه بالطاعة وحملوا إليه أموالا وهدايا فقبلها وسار عنهم.
وجعل يتنقل في تلك الجزائر عدة سنين، يقال إنه غاب عن مصر في سفره سبع عشرة سنة.
ورجع إلى مصر غانما موقورا فوجد أمه قد هلكت، وكان أهل مصر قد أيسوا منه، فورد على الناس من رجوعه أمر عظيم من الفرج، وكان معهم على حالهم من السلامة والوقور والظهور.
ووجد ابنه كلكلن على ما تركه من الملك فسر بذلك وهابته الملوك، وعظم قدره في أعين الناس، ثم بنى عدة هياكل وزينها وحلاها، وأقام فيها أصناما للكواكب، لأنه زعم أنها هي التي أيدته في سفره حتى ظفر وغنم ونجا، وقد كان حمل معه من الهند طبيبا وحكيما، وحملا مع أنفسهما كتبهما وعزائمهما، فأظهرا بمصر عجائب مشهورة.
وحمل معه من بلاد الهند صنما من ذهب مقرطا بالجوهر، ونصبه في بعض الهياكل التي أقامها.
وكان حكيم الهند هو الذي يقوم عليه ويخدمه ويقرب له، فكان يخبرهم بكل ما يريدونه.
وأن أخريتا الملك أقام بعد منصرفه من الهند مدة، ثم غزا نواحي الشام فأدى إليه أهلها الطاعة، ثم رجع إلى مصر وغزا نواحي النوبة والسودان فصالحوه على هياكلهم بأتاوة أدوها إليه فتركهم ورجع إلى مصر.
وملكهم خمسا وسبعين سنة، وعمل لنفسه في صحراء الغرب ناووسا، وأمر أن يدفن فيه إذا مات، ثم سار إلى رفودة وعمل فيها مصانع وعجائب، وأقام بها إلى أن مات، وابنه على المملكة بمنف.
ولما مات ضمد جسمه بالمومياء والكافور والمر وجعل في تابوت من ذهب وحمل إلى ناووسه ودفن معه مال كثير وجوهر نفيس وتماثيل كثيرة وسلاح عجيبة وعقاقير وكتب خطية.