وبنى في آخر عمره هيكلا لرجل من صوان أسود في ناحية الغرب، وجعل له عيدا، وبنى في وسطه ناووسا وحمل إليه ما أراد من ذهب وجوهر وحكم وعقاقير، وعرفهم أنه ميت.
(وأوصى بالملك) (1) إلى أخيه ماليا الملك وكان شريبا كثير الأكل والشرب منفردا بالرفاهية غير ناظر في شئ من أمر الحكمة، وجعل أمر البلد إلى وزير له.
فكانت أيامه صالحة لهيبة أخيه كلكلن، وتقدمهم أنه لم يمت، وأنه ذكر لهم موته لينتظر ما تجري عليه أحوالهم.
وكان ماليا معجبا بالملك (محبا للنساء ومعاشرتهن) (1) فكان له ثمانون امرأة، ثم اتخذ امرأة من بعض ملوك منف، وكانت عاقلة سديدة الرأي فحمته النساء وكان بها معجبا ولها محبا، وكان له بنون وبنات من سائر نسائه، وكان أكبر بنيه يقال له طوطيس، فكان يستجهل أباه ويسترذل سيرته، فأعمل الحيلة في قتله، وحملته على ذلك أمه وجماعة من نسائه وبعض وزرائه، فهجم عليه في رواقه سكران والمرأة معه فقتله وقتل المرأة.
وتولى الامر بعد أبيه طوطيس وجلس على سرير الملك، وكان جبارا جريئا، شديد البأس مهيبا فدخل عليه الاشراف فهنأوه ودعوا له، فأمرهم بالاقبال على مصالحهم، وترك مالا يعنيهم ووعدهم بالاحسان.
والقبط تزعم أنه أول الفراعنة بمصر، وانه فرعون إبراهيم عليه السلام، وان الفراعنة سبعة هو أولهم.
وتذاكر الناس ما عمل بأبيه وأنكروه، واستقبحوا صلبه للمرأة، وشعر بذلك فأنزلها ودفنها، واستخف بأمر الهياكل والكهان.
وكان من خبر إبراهيم عليه السلام معه ان إبراهيم لما هرب من قومه ومن النمرود وأشفق من المقام بالشام لئلا يلحقه قومه فيردونه إلى النمرود، لأنه كان فربها من سواد العراق.