المدينة من الجهة الغربية، وحمل إليه أموالا عظيمة، وجواهر كثيرة وطلسمات وتماثيل كما فعل أجداده من قبله.
وكان فيه أربعة آلاف تمثال على صور شتى برية وبحرية، وتمثال عقاب من جوهر أخضر عند رأسه، وتمثال تنين أخضر من ذهب مسبوك عند رجليه، وزبر عليه اسمه وسيرته وجميع أموره.
وعهد ابنه إلى بداونس الملك وهو أول من ملك الأجناد وصفا له ملك مصر وكان بداونس الملك محنكا مجربا ذا أيد وقوة ومعرفة بالأمور، فأظهر فيهم العدل، وأقام الهياكل ورد أهلها وأكرم الكهنة، وزاد في ألطافهم، وبنى بغربي منف بيتا عظيما للزهرة، وزبر فيه كتبا كثيرة من العلوم وكساه الحرير وعمل عيدا كبيرا اجتمع اتليه جميع الأجناد.
وكان صنم الزهرة من اللازورد موشحا بذهب يبرق مسورا بسواري زبرجد أخضر، وكان في صورة امرأة لها ضفيرتان من ذهب أسود مدبر، وفي رجليها خلخالان من حجر أحمر كالياقوت، ونعلان من ذهب، وفي يدها قضيب مرجان وهي تشير بسبابتها كالمسلمة على من في الهيكل.
وجعل حذاءها من الجانب الآخر بقرة ذات قرنين وضرعين من نحاس أحمر مموه بالذهب موشحة بحجر اللازورد ووجه البقرة محاذ إلى وجه صنم الزهرة، وجعلوا بينهما مطهرة من أخلاط الأجساد على عمود رخام مجزع فيها ماء مدبر بقوة من الزهرة يستشفى بها من كل داء، وفرش الهيكل بحشيشة الزهرة تنالوها في كل سبعة أيام.
وجعل فيها كراسي الكهنة مصفحة بالذهب والفضة، وقرب فيها ألف رأس من الضأن والمعز والوحش والطير، وكان يحضره يوم الزهرة ويطوف به، وكان قد فرش الهيكل وستره عن يمين الزهرة وشمالها.