فتوح البلدان - البلاذري - ج ٢ - الصفحة ٣٦٤
وقدمها المأمون عبد الله بن الرشيد من خراسان فأقام بها، ثم شخص عنها غازيا فمات بالفذندون ودفن بطرسوس.
ونزلها أمير المؤمنين المعتصم بالله ثم شخص عنها إلى القاطول فنزل قصرا للرشيد كان ابتناه حين حفر قاطوله الذي دعاه أبا الجند لقيام ما يسقى من الأرضين بأرزاق جنده. ثم بنى بالقاطول بناء نزله ودفع ذلك القصر إلى اشناس التركي مولاه، وهم بتمصير ما هناك وابتدأ بناء مدينة تركها. ثم رأى تمصير سر من رأى فمصرها، ونقل الناس إليها، وأقام بها، وبنى مسجدا جامعا في طرف الأسواق وسماها سر من رأى. وأنزل اشناس مولاه فيمن ضم إليه من القواد كرخ فيروز، وأنزل بعض قواده الدور المعروفة بالعربايي. وتوفى رحمه الله بسر من رأى في سنة سبع وعشرين ومئتين.
وأقام هارون الواثق بالله بسر من رأى في بناء بناه وسماه الهاروني حتى توفى به.
ثم استخلف أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله رحمه الله في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومئتين، فأقام بالهاروني، وبنى بناء كثيرا، وأقطع (ص 297) الناس في ظهر سر من رأى، بالحائر الذي كان المعتصم بالله احتجره بها، قطائع فاتسعوا بها. وبنى مسجدا جامعا كبيرا، وأعظم النفقة؟ عليه، وأمر برفع منارته لتعلو أصوات المؤذنين فيها، حتى ينظر إليها من فراسخ، فجمع الناس فيه وتركوا المسجد الأول. ثم أنه أحدث مدينة سماها المتوكلية وعمرها وأقام بها، وأقطع الناس فيها القطائع، وجعلها فيما بين الكرخ المعروف بفيروز وبين القاطول المعروف بكسرى، فدخلت الدور والقرية المعروفة بالماحوزة فيها. وبنى بها مسجدا جامعا. وكان من ابتدائه إياها إلى أن نزلها أشهر، ونزلها في أول سنة ست وأربعين ومائتين. ثم توفى بها رحمه الله في شوال سنة سبع وأربعين،
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست