إذا سألناهم لم نرهم يعرفونها. ولا يحصلون مجيئها، ولا يخبرونا عن صدقها.
فإن كان لكم أن تقضوا على العامة بالجهل بين النبي والمتنبى. لانهم لم تروهم يحسنون الفروق، ويفصلون بين الأمور، فقد ينبغي لنا أيضا أن نقضي عليهم بالجهل. وأنهم لم يعرفوا الدلالة، ولم يقرروا (1) بشئ من الآيات والأعاجيب.
فإذا كان القوم عندكم محجوجين قد قرروا وعرفوا، ونحن لا نجد عندهم على المسألة من ذلك شيئا، وجاز لكم أن تزعموا ما زعمتم، فلم لا يجوز لنا أن نزعم أنهم [كانوا] عارفين وإن لم نجد ذلك عندهم على المسألة.
ولولا أنى قد ذكرت هذا الباب مفسرا في " كتاب المعرفة " لأخبرت من أي وجهة جاز أن يكون بعض العارفين لا يخبر عن كل ما في نفسه ومن أين امتنع ذلك عليه.
فإن قالوا: قد فهمنا قولكم في العامة فما تقولون في الخاصة؟
فهل كلفها الله ذلك أم لم يكلفها كما لم يكلف العامة؟ وفى ذلك سقوط التكليف عن الجميع.
قلنا: بل نقول: إن على الناس إقامة الامام، زيد الخاصة.
ولا نقول أيضا إن على الخاصة إقامة الامام إلا على الامكان.
فإن قالوا: وما سبب عجز الخاصة وإمكانها؟
قلنا: من ذلك أن تكون العامة عليها مع جند الباغي (2) المتغلب.