العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٨
ولو كان استعان بقوم على مواطأة وشريطة، كصنيع معاوية بذى الكلاع وعمرو بن العاص، لقالوا: إنما قدم رهبة ممن واطأه، ورغبة فيمن أكد هواه.
[و] ولى بنى مخزوم أعناق العرب وقتال أهل الردة، وحرب مسيلمة ومحاربة طليحة. دون رهطه * ولو ولى ذلك طلحة لكان لذلك أهلا ولكن الطاعن قد كان يجد سببا.
وكذلك عمر بن الخطاب لو كان أدخل في الشورى سعيد بن زيد كما كلم في ذلك. وأدخل في الرقباء عبد الله بن عمر كما كلم في ذلك، لكان لذلك أهلا، ولكن الطاعن قد كان يجد متعلقا.
وولى خالد بن الوليد حرب مسيلمة وطليحة وبنى تميم وأهل البادية، وولى عكرمة ردة عمان، وولى المهاجر بن أبي أمية ردة أهل نجير واليمن. وما زال عمر يعاتبه في خالد فيقول أبو بكر: " لا أشيم سيفا سله الله على الكفار ". فهذا هذا.
والعجب (1) لهذه الأمة كيف اختلفت في رجلين أحدهما خير خلق الله.
والآخر شر خلق الله، وكيف اختلفت في رجلين أحدهما لم يزل مؤمنا والآخر لم يزل كافرا، ثم كان المقدم الخسيس الكافر، على الرفيع المسلم!
[وهم] أصحاب القرآن وخاصة الرسول من الصحابة والبدريين والأنصار والمهاجرين، وهم الذين قال فيهم التابعون: خير هذه الأمة أصحاب محمد صلى الله عليه! ابتلوا فصبروا، وأنعم عليهم فشكروا.

(1) في الأصل: " وللعجب " في هذا الموضع والموضعين بعده.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»