العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٦
تخرجوه إلى نفاق أو إلى ترك، إلا لمجامعة خصومكم لكم، إذ كانت الفرقة لا تنقض الجماعة.
فإن قالوا: فإنه لم يقل لا إله إلا الله محمد رسول الله مرة قط من دهره، لا على نفاقة ولا على غيره، بل كان يظهر عبادة الأصنام، ثم مع ذلك سلم على حكم الكتاب والسنة، وعلى حكم الدار. فليس عندنا في ذلك إلا إسقاطه وتحريم كلامه وإمضاء حكم مثله فيه.
بل قد ثبت إسلامه بعد الوجوه التي ذكرتها بوجوه:
منها أن الله أثنى على عباده الصالحين، فخص بتفضيله السابقين والمهاجرين الأولين. وقد اجتمعت الأمة أنه من المهاجرين الأولين مع فضيلة هجرته، إذ كانت هجرته وهجرة رسول الله صلى الله عليه معا.
فهذا وجه.
ثم الذي رأينا من ذكر الله وثنائه على أهل بدر. وقد أجمع المسلمون أنه كان ممن شهد بدرا، مع ما فضل من الكون في العريش، ولا موضع أدل على الخاصة من ذلك الموضع في ذلك الموقف، مع ما شهد به من مستجيبيه وعتقائه ومواليه، ولقد بلغ من قدر من شهد بدرا أن عامة الفقهاء تحدث أن الله " اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم " فلذلك كان الحسن يقول: إن طلحة والزبير وعليا في الجنة معا وإن لم يكونوا كانوا (1) في الدنيا، لانهم عتقاء الله من النار، ولم يكن الله ليعتق عبدا ثم يعيده في رقه، ولذلك كان الحسن. وحوشب، وهاشم الأوقص، وبكر ابن أخت عبد الواحد، يقولون إذا ذكروا يوم الجمل: " هلكت الاتباع ونجت القادة " فهذا هذا.

(1) في الأصل: " نوا " بالاهمال.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»