طعن فيه المحدثون والمنافسون ونسبوه إلى البدعة وحاولوا إرغامه، لكن ابن حبيب لم يبلغ ذروة ابن الكلبي لا في تنوع المؤلفات ولا في كثرتها، فإن إزاء مائة وخمسين مؤلفا اشتهر بتأليفها ابن الكلبي، لم يزد كتب ابن حبيب بضعة وأربعين في النسب والتاريخ واللغة والشعر، ولو كان بعض مؤلفاته أغزر مادة وأجمع نادرة من مؤلفات ابن الكلبي ومع أن عامة المحدثين وكثيرا من علماء الدولة طعنوا في ابن الكلبي وقدحوا في رواياته وضعفوه وكذبوه لبروزه في سائر أنواع العلوم النقلية، ولتدخله في حقل القرآن والحديث ولاتصاله بالخلفاء، لم يتهم أحد ابن حبيب ولا شك (1) في صدقه لأنه لم يتعرض للقرآن ولأنه لم يكن محسودا ولم يكن له شهرة علمية كشهرة ابن الكلبي ولم يكن له جاه ولا منزلة في الدوائر الحاكمة ولدى طلاب العلم ولأنه كان يعيش معتزلا عن الناس ليست له حلقة التلامذة في الجامع ولأنه اشتغل بكسب رزقه كمؤدب وبكتبه في منزله.
قال الخطيب في تاريخ بغداد 2 / 277 و 278: كان ابن حبيب عالما بالنسب وأخبار العرب موثقا في روايته. وفي إرشاد الأريب 6 / 473: ذكره المرزباني (297 - 378 / 909 - 988) فقال: وقال عبد الله بن جعفر: من علماء بغداد باللغة والشعر والأخبار والأنساب الثقات محمد بن حبيب ويكنى أبا جعفر وكان مؤدبا ولا يعرف أبوه وإنما نسب إلى أمه وهي حبيب وهو ممن يروي كتب ابن الأعرابي وابن الكلبي وقطرب وكتبه صحيحة، وله مصنفات في الأخبار منها المحبر والموشى وغيرهما. وفي الفهرست ص 150: كان من علماء بغداد بالأنساب والأخبار واللغة والشعر والقبائل وعمل قطعة من أشعار العرب، روى عن ابن الأعرابي وقطرب وأبي عبيدة وأبي اليقظان وغيرهم وكان مؤدبا وكتبه صحيحة. وليلاحظ هنا أن هذه الآراء عن صحة كتب ابن حبيب ليست صحيحة صحة مطلقة، (2) فإنا نجد في المنمق أحيانا روايات ضعيفة يختارها بغير تحقيق، لأنها توافق هواه والهدف الذي يرمي إليه وهو إرضاء الأسرة الحاكمة، ففيه مثلا أحاديث عديدة واهية في مناقب قريش والعباس بن