ما فعل فقال له عثمان: إني من أهل الكعبة (1) ومن أهل بيت الله الحرام الذي تحج إليه العرب وإني كلمت ابن جفنة أن يجعل لي على قومي سلطانا فأقتسرهم على دينك فبغى علي رجال من قومي فرشوه فأخرجني وإني جئت إليك، فكتب إلى الترجمان أن يبغيني شرا لأن لا ترفع بي رأسا، هذا من شأني، فإن كتبت لي كتابا وجعلت لي عليهم سلطانا قسرت لك العرب حتى يكونوا على دينك، فكتب له قيصر عند ذلك وكساه وحمله على بغله مسرجة بسرج من ذهب وقال له: لا سلطان لابن جفنة عليك، ودفع إليه كتابا مختوما وقال أشعارا بأرض الروم هلكت وأشعارا يروي بعضها منها قوله (الطويل).
- لما دنونا من مدينة قيصر * أحست نفوس القوم بعض الوساوس - فأقبل عثمان بالكتاب حتى قدم على ابن جفنة فدفعه إليه فقال ابن جفنة: خذ من وجدت ههنا من قومك، فأخذ رجالا من قريش منهم سعيد ابن العاص بن أمية وأبو ذئب (2) بن ربيعة أحد بني عامر بن لؤي أخذهم تجارا بالشام فسجنهم، فأما أبو ذئب (3) فمات في الحديد، وأما سعيد فمكث 121 / حتى اقتداه عتبة / بن ربيعة بن عبد شمس وأبو أمية بن المغيرة، ومنهم من يقول: إنما افتداه هشام بن المغيرة وأبو أمية بن المغيرة، وكانت تحت سعيد بن العاص أخت لهما ابنة (4) المغيرة فامتدحهما سعيد بن العاص بشعره، ومات عثمان بن الحويرث من قبل أن يخرج من عند ابن جفنة، فقال كثير من الناس سقاه سما وحسده وظن أنه غالبه على ملكه، فبلغ ذلك قومه فقال ورقة بن نوفل وهو ابن عم عثمان بن الحويرث أخ أبيه يرثي عثمان:
(الكامل)