كنانة والأحابيش عضل والديش (1) والقارة، فلما التقوا ونظر بعضهم إلى بعض ناداهم العاص بن وائل (2): أثبتوا فإنه لا سبيل لكم إلى الذهاب فاقتتلوا قتالا شديدا، وكان في بني سعد بن ليث غلام يقال له خالد بن مالك وكان نديما لبلعاء بن قيس وكان خالد بن مالك قد فر يوم فخ (3) يوم أغارت عليهم بنو عامر فحلف بلعاء ألا يكلمه حتى يدرك يوما يرى مشهده فيه مجزيا، فحمل خالد بن مالك على العاص بن وائل (2) فطعنه فصرعه وأخذ اللواء من يده، فلما رأت قريش اللواء قد أخذ وصرع صاحبهم هربت قريش وجمع بني كنانة والأحابيش، وأصابت منهم بنو ليث ما شاءت، وبلغ أبا أحيحة ما صنع العاص بن وائل (2) فقال: يا للعار (4)! لم يحام عليه قومه، وهربوا عن اللواء ولم يعودوا (5) إلى حمله، وقال سعيد: هذا الذي خفت عليكم وأعلمتكم أن الحرب دول وسجال، فأبيتم أن تقبلوا كلامي، فما أقبح أن لو حضرت معكم ثم هربت أحاول (6) دخول منزلي! وقال قدامة بن قيس الزبيدي حليف بلعاء وهو يذكر ما أصاب في بني عامر وما أصاب في قريش، وكان بدء محالفته بلعاء أن بلعاء قامر قدامة بالقداح فقمره ماله كله، فطلب قدامة إلى بلعاء أن يقامره في يده وخمسين من الإبل فلاعبه بلعاء / فقمره يده، فأراد بلعاء أن / 88 يقطعها، فقال له قدامة: هل لك يا بلعاء فيما هو خير لك من قطعها تعيرنيها على أن لا أفارقك ولا تنوبك نائبة (7) فيها تلف الأنفس إلا وقيتك بنفسي فأنت رجل تكثر محاربة الرجال؟ فرضي بلعاء بذلك فتركها عارية على أن يأخذ يده بلعاء متى شاء، فكان قدامة مع بلعاء لا يفارقه حيث ما كان، فلما كان يوم المشلل نظر بلعاء إلى قدامة واقفا إلى جنبه فقال: اما أن ترد علي يدي التي أعرتك وإما أن تحمل على القوم لتجيئني بفداء بها، فحمل قدامة
(١١٩)