قال الواقدي وكان من قضاء الله وقدره ان صاحب أسعرد وحيزان والمعدن وياتحلسا ويمهرد وطراجر وسلواس كان بينه وبين يطالقون حرب وكان يغير بعضهم على بعض وأخربوا المملكتين فلما انتشرت الأخبار بقدوم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانهم على ميافارقين جفل أهل تلك البلاد وعلم بذلك حرسلو صاحب اسعرد وانه لا طاقة له بالعرب فأخذ هدية سنية وذهب بنفسه ليطالقون بن كنعان حتى يصطلح معه ويكونوا يدا واحدة على قتال المسلمين فبينما هو سائر والهدية معه وقد نزل على قرية اسمها أرغير وعلق على خيله وهو معول على المسير وهو ينتظر الخيل تقطع عليقها وإذ قد كبسهم يوقنا وقد أحاط بالقرية وأخذ كل من فيها وأسر البطريق ومن معه وبات ليلته فلما أصبح عرض الاسرى وقال لهم ان الله قد ظفرنا بكم ونصرنا عليكم واعلموا اني ملك من ملوك الروم ملكت البلاد وقدت الجيوش وأمرت ونهيت وعبدت الصليب وقربت القربان فلما أتى الله بهؤلاء القوم أخبرتهم ونظرت ما هم عليه فعلمت ان الحق معهم فتبعتهم وقلت بقولهم وقد كنا بالشام تفزع منا ملوك العجم وكسرى بن هرمز والديلم والترك وكان لنا كرة الأرض وكنا لا نلتفت إلى العرب حتى خرجوا علينا فأذاقونا مرا وذهبت شجاعتنا وملكوا معاقلنا وحصوننا واحتووا على ملكنا ونصرهم رب الأرض والسماء علينا لأنهم يشيرون اليه بالوحدانية فان آمنتم بالله وحده كان لكم الربح في الدنيا والآخرة وأطلق سراحكم وأن أبيتم قتلتم عن آخركم فقالوا اتركنا يومنا هذا إلى الليل ندبر أمرنا فتركهم واختلى بحرسلو البطريق وحدثه في السر وقال له اعمل في خلاص نفسك ورقبتك من النار وأسلم وفاد نفسك حتى تنال ما تريد فقد بلغني من الوقائع بينك وبين صاحب الحصن فقال البطريق لقد صدقت فمن أعلمك فقال له ما السبب في العداوة بينك وبينه فقال إنه طلب أن يتزوج ابنتي وبعث إلي هدية فرددتها عليه فصار عدوي وأغار على بلادي وأغرت على بلاده والآن قدمت اليه بهدية حتى أكون أنا وإياه يدا واحدة فأتيت أنت إلي وأخذتني فقال يوقنا اني أريد لك من الخير ما أريد لنفسي ولست أجبرك على أن تترك دينك ولكن تعاهدني على أن لا تغدر وأنا أخلي سبيلك وتمضي إلى صاحب الحصن وتدني نفسك بين يديه وتقول أيها الصاحب قد ندمت على ما كان مني إذ رددتك عن تزويج ابنتك واني كنت أخذتها وزينتها وسقت معها أموالها على أني أهديها لك فلما كنت في قرية كذا وكذا خرج علي قوم من العرب فأخذوا المال والرجال وقد نجوت إليك بنفسي لتأخذ بيدي وتستنقذ ابنتي من العرب فإنه
(١٦٩)