قال فصعب ذلك عليهم قال الواقدي حدثني محمد بن يونس قال حدثني إسماعيل عن قيس قال إن طاريون لم تتنصر ولا عادت عن الاسلام وانما مضت إلى أبيها لتدبر عليه حيلة وتسلم البلد للمسلمين لأنها أرادت أن تصنع كما صنع زوجها يرغون بكفرتوتا فاتفق رأيها ورأى زوجها على ذلك فقال يرغون أما أنا فلا أتبعك لأنني أفزع من أبيك أن يقبض علي فقالت له الزم مكانك ولبست ثيابها وعولت على المسير وجعلت غلمانها في محل خلوة وقالت لهم اعلموا أني قد عزمت على أمر أفعله وأنا أبوح به إليكم قالوا أيتها الملكة ما على العبد الا الطاعة لمولاه فأوقفينا على سرك قالت لهم اعلموا اني كرهت المقام بين هؤلاء العرب وأيضا قد اشتقت إلى وطني وعولت على أن أخرج بكم إلى الصيد في الجبل فإذا جن الليل طلبنا أرضنا فلما سمعوا قولها فرحوا وقالوا نعم الرأي فقالت اني لست أكرهكم فمن كان له رغبة أن يلبث ههنا وهو مائل إلى هذا الدين فليقم غير ملوم ومن أراد الرجوع إلى وطنه فليعزم معي فاني أمضي في هذه الليلة وحق ما أسير اليه لئن بلغني أن أحدا منكم افشى سري إلى يرغون أو غيره من الناس لأضربن عنقه فمن كان عازما على صحبتي فليتبعني فأجابوها إلى ذلك فلما جن الليل ودعت يرغون وخرجت ومعها اثنا عشر نفرا كانوا لا يرتدون الإسلام وكان لها بكفر توتا اثنا عشر غلاما قد رسخ الاسلام في قلوبهم وأحبوا المسلمين قال وسارت نحو الجبل ومضت إلى أن تركت أرزن خلف ظهرها وأشرفت على بدليس فنزل صاحبها إليها وقدم لها إقامة وعلوفة وأقامت هناك بقية يومها ذكر فتوح بدليس وارزن وأعمالها وكان من قضاء الله السابق وقدره ان عياضا لما نزل على سوقاريا ولحق به خالد ومن معه ولحقهم يوقنا فرح المسلمون بسلامتهم وحدثه بما جرى فسجد لله شكرا ثم بعث يوقنا رسولا إلى صاحب بدليس وكانت أرزن وبدليس وقف وأنظر وغيرها من القلاع لبطريق اسمه سروند بن بولص والجارية طاريون نازلة هناك وسروند عندها فلما علموا بقدوم يوقنا رهبوا إلى لقياه واختلت به طاريون وقالت له يا عم لا تظن اني هاربة ولا إلى الروم طالبة وانما أريد أن أنصح لله ولرسوله وللمسلمين وأريد أن أغدر بأبي وأقتله واسلم معاقله للمسلمين لكن يا عم أشر علي بما أصنع فأنت تعلم أن هذا الدرب لبدليس وأخلاط وعليه قلعة قف وأنظر وإذا أرادت العرب العبور فليس لهم قدرة فما الذي تراه وأخاف أن حصلت
(١٧٣)