فتقدم كبراؤهم وعلماؤهم في دينهم وقالوا أيكم الأمير حتى نخاطبه فقالوا ليس فينا أمير ولا من يلحظ أخاه بعين الذل لأن الاسلام شملنا والدين جمعنا ونحن عباد الله فلما سمع القوم ذلك قالوا بأجمعهم والله ما نصركم الله علينا الا باتباع نبيكم وقال خالد كم تبذلون لنا من المال فقالوا مهما أردتم امتثلناه فقالوا انا لا نريد الا ما ترضى به أهل الذمة الذين في البلد حتى تطيب قلوبهم ومن لا يرحم لا يرحم ولقد سمعت نبينا صلى الله عليه وسلم يقول لا تنزع الرحمة من قلب شقى قال فلما سمع القوم ذلك تهللت وجوههم فرحا وقالوا لقد نصركم الله بحق وما نرى دينكم الا حقا فاسلموا عن آخرهم وعادوا إلى قومهم واجتمعوا في كنيستهم وحدثوهم بما كان وبما رأوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن سيرتهم فقال أهل البلد ما كنا بالذين نرفع أنفسنا عليكم لأنكم أولو الرأي والدين وقد رضينا بما رضيتم به لأنفسكم فاسلموا الا قليلا منهم وأما الملكة لما سمعت ذلك طاب قلبها وبعثت بالإقامة والعلوفة إلى خالد وسألته أن يعبروا إلى جانبهم ونصبت لهم الجسر فعبر خالد ومن معه ونزلوا بالبيعة بحيث أن الملكة تشرف عليهم وتنظر إليهم فرأت أقواما قد طلقوا الدنيا وطلبوا الآخرة وليس فيهم من ينهر ولا يسفه ولا يخالف أخاه قد اشتغلوا بالذكر وتوحشوا بالصبر فلما نظرت إلى حسن عبادتهم نزلت إليهم وأسلمت على أيديهم فقال خالد تقبل الله منك ورضى عنك فالزمي قلعتك فلا سبيل لاحد عليك ونظر يوقنا إليها فقال وددت لو كانت هذه أهلي فأنفذ خالد يشاورها فأجابت إلى ذلك وبعث خالد إلى عياض يشاوره فبعث اليه الجواب بأن زوجه ولا تترك من بلاد الحصن مكانا الا وتنزل فيه ذكر فتح طنز ويمهرد وأسعرد قال فعول على العبور إلى جانب أسعرد ويمهرد إذ قدم عليه أهل حصن طنز للصلح وأن يكونوا طوعا للمسلمين فقال خالد من أسلم منكم قبلناه وكان له ما لنا وعليه ما علينا ومن بقي على دينه كانت عليه الجزية من العام القابل فأجابوه إلى ذلك فكتب لهم عهدا وعبر إلى طنز ويمهرد واسعرد والمعدن وأرزن وقرروا صلحا ورضوا به قال وانقضت عدة صاحبة الحصن وهي جانوسة وتزوجها يوقنا ولحق خالد بعياض فوجده على سوقاريا وهي مدينة جالوت فلما وصل خالد اليه اسلم الناس بعضهم على بعض وأقاموا هناك خمسة أيام وعولوا أن يسيروا إلى بدليس وأخلاط وإذ قد جاءهم الخبر أن طاريون ابنة الملك وهي زوجة الغلام يرغون الذي فتح كفرتوتا وكان من أمرها ما ذكرناه قد هربت إلى أبيها ورجعت إلى دينها
(١٧٢)