من عسقلان قال فأقام عياض على أمد أربعة أشهر قال فخرج من جيشه الحكم بن هشام واستأذن عياضا أن يشن الغارات على ميافارقين فاذن له فأخذ معه من الصحابة مائة من المهاجرين والأنصار فخرجوا بعد ما صلوا الظهر وعبروا الدجلة وساروا والأرض تطوي لهم فما مضى قليل من الليل الا وهم على ميافارقين فداروا بها إلى أن وصلوا إلى برج يعرف ببرج الشاة فقال الحكم بن هشام وددت من الله لو فتح لنا هذه المدينة بلا قتال قال فما استتم كلامه حتى انفتح لهم باب من حائط البرج فدخلوا وهم يخترقون الطرق إلى وسط المدينة إلى كنيستهم العظمى وتعرف ببيعة ماريا وكانت تلك الليلة عيدا عند النصارى فلما اقبلوا إلى الصلاة وجدوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومن اين جئتم قالوا من عسكرنا قال ومتى جئتم قالوا بعدما صلينا الظهر قال ومن فتح لكم مدينتنا قال له الحكم فتح لنا من بيده مقاليد الأمور قال أوما تفزعون منا فقال الحكم وكيف نفزع من مخلوق لا يضر ولا ينفع وهو تحت أحكام القهر وقد قال ربنا في كتابه * (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) * فقال اسلاغورس ان دينكم دين محدث وديننا دين قديم والقديم أفضل من المحدث فقال له الحكم إذا كان ما قلته حقا ففضل إبليس على آدم لأنه أقدم منه أعلمت أن طينة آدم مشكلة وقد قال الله تعالى أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه أشرق نور قلبه في وقت تجليه واشتعل بالاتقاد فيه فنظر اليه إبليس وظن قميص عبوديته أبيض بالتوحيد وإذا هو أسود بالشرك فأبان نعته القديم عن نعت وقته بقوله وكان من الكافرين كان سائرا في أرض الشرك تحت ظل الجهل بالعواقب فما زال يقطع منازل العبادات بالعبادات وهو في عماية عن أبصار جمال المشاهدات فلما ظهرت أنوار مصباح الإلهية من مشكاة الأبدية استنار وجه صورة حاله فإذا هو قد فهم من جوابه وان عليك لعنتي وأصل آدم لما طار من وكر بشريته بأجنحة همته في جو الطلب تعالى عن حطيطة انسانيته حتى دنا من نيران المحن فافترقت أنوار القسم بأجنحة اصطفائه وحصن قوادم ارتقائه فوقع في حبال وعصي آدم ربه فلما أتاه في أودية محبته هطلت عليه سحائب محنته ورمى بصواعق اهبطا فلما خرج إلى بيداء كرباته اشتملته مواكب آلائه مبشرة إياه باجتبائه * (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) * قال وان اسلاغورس أمرهم أن يدخلوا البيعة فقال الحكم بن هشام وما الذي
(١٥٨)