حدثني مالك بن بشر بن عامر وكان ممن حضر فتوح الشام وديار بكر وديار ربيعة قال بينما مرهف يحدث عياضا إذا بغبرة قد أقبلت فقال عياض لميسرة بن مسروق اركب وانظر ما هذه الغبرة فركب ومضى هو وجماعة من الصحابة وعاد ميسرة وهو يقول أبشر أيها الأمير بالفتح قال وما الخبر يا ابن مسروق قال هذا جيش ابن هبيرة المازني قد أغار على البلاد وأتى بالأموال والرجال قال فظهر البشر في وجه عياض وجعل يتطاول إلى قدوم ابن هبيرة المازني حتى وصل وسلم على عياض وعلى المسلمين وعرض عليه الغنائم ومرهف بن واقد يتأملها إلى أن عرضت عليه جارية رومية تخجل الشمس منها وعليها زي الملوك فأطرق المسلمون إلى الأرض يستعملون الأدب مع الله في قوله قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم فلما نظر إليها مرهف قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأن دينكم الحق وقولكم الصدق فقال له عياض ما بالك أيها الرجل قال هذه زوجة يأنس صاحب الهتاج وقد طرحها الله في أيديكم فسجد عياض شكرا لله فلما رفع رأسه قال * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) * قال الواقدي وكانت ميرونة قد خرجت من عند أهلها ومعها جماعة من بنات البطارقة فوافق طريق قيس بن هبيرة تلك الأرض فأخذها ومن معها وأتى بها إلى عياض فقال عياض لمرهف ارجع إلى يأنس واكتم اسلامك وأخبره بما رايت واستعمل النصح للمسلمين وقل له ان أراد أهله فليسلم لنا هذه القلعة ومهما أردنا منه قال فرجع مرهف إلى يأنس وحدثه بما جرى فعظم ذلك عليه وكبر لديه وقال لمرهف ما الذي ترى من الرأي قال اعلم أن هؤلاء القوم ما قالوا الا وفوا به وبذلك نصروا علينا ومن الرأي ان نسلم لهم القلعة ويعطوك زوجتك وجميع مالك وأنا الضامن لك منهم ذلك فقال يأنس انزل إليهم وائتني بعشرة رجال يحلفون لي على ما أريد فان أجابوني إلى ذلك سلمت إليهم القلعة ولا تأتني الا بمن يقبل قوله ويشكر فعله حتى أستوثق منهم لنفسي ولعله يكون الرجل الذي شاع ذكره بالشجاعة وفتح البلاد والشام يعني خالد بن الوليد وانما أراد الملعون ذلك حتى يقبض عليهم ويخلص بهم زوجته قال فنزل إلى عياض وأخبره بذلك وبما قاله يأنس فقال عياض يا مرهف يريد الملعون أن يخدعنا ونحن ثمرة الخداع ونرجو من الله أن يرجع مكره عليه ولديه ثم قرا أن الله لا يصلح عمل المفسدين قال خالد دعنا أيها الأمير نصعد اليه والله الموفق للصواب فقال عياض اعزموا على بركة الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي
(١٦٦)