إذا سمع دعاه الطمع واستجره الأمل حتى يخرج الينا ولعل الله تعالى أن يظفرنا به فإذا ملكنا الحصن إن شاء الله تعالى كنت أنت تبقى على بلادك وكنت آمنا مطمئنا واعلم أن ذمامي هو ذمام العرب ومهما فعلته امتثلوه وأمضوه فلما سمع البطريق كلام يوقنا قال أفعل ذلك ولكني أخاف من المسيح أن يغضب علي إذا خامرت على أهل ديني فقال يوقنا أنا أحمل هذه الأوزار عنك ودع عيسى بن مريم يطالبني يوم القيامة فقال البطريق ان كان هذا الذي قلته فأنا افعل وليس يصعب علي ولكني أخاف ان فعلت ذلك الذي أمرتني به أن لا ينزل من الحصن وربما بعث معي بعض أصحابه فلا يحصل طائل من عدوكم فقال يوقنا وما يكون التدبير فقال البطريق الرأي عندي غير هذا قال وما هو قال تذهب مع أصحابك جريدة بالخيل وأنا أكون معك فما نصبح الا ونحن على الحصن فإذا أشرفنا عليه تعطني جوادي وسلاحي واركض على فرسي في حال العجلة فاني أجده في الميدان مع أرباب دولته فإذا وقعت عيني عليه ترجلت وحثوت التراب على رأسي واصيح أيها الملك العرب قد أخذوا أصحابي وغلماني وما جاء معي برسمك فإذا قال وأين هم أقول على فرسخ من بلدك فإنه إذا سمع قولي لا يمكنه التأخير عن نصرتي ولا له الا السرعة إليكم واعلم أن أكثر جنده قد فرقهم على الحصون وما عنده الا ألف فارس أو أقل قال فلما سمع يوقنا ذلك من قوله وثق به وبعث الأسرى إلى عياض فلما وصلوا اليه قال لهم ان أطلقتكم أتعرفون لنا ذلك قالوا نعم وكيف لا نعرفه فأطلقهم حتى تسمع أهل البلاد فينزلوا إلى طاعته وأما يوقنا فإنه سار جريدة بقية ليلته فما برق ضياء الفجر الا وقد أشرفوا على الحصن فعندها أطلق البطريق ووثق منه بالعهود وأعطاه جواده وسلاحه وسار كأنه قد أفلت نفسه وساق على على شوط واحد إلى الحصن وكان بالقضاء المقدر أنه وجد البطريق يطالقون قد عبر إلى جانب اسعرد ومعه ألف فارس والف راجل وكان السبب في ذلك أن قوما من أصحاب البطريق حرسلو كانوا في كنيسة يوقنا فأتوه وحدثوه بما تم عليهم من القوم فعبر لعله يستخلصهم من يد يوقنا فلما وصل اليه البطريق ترجل وصقع له وحدثه فرق له وقال كيف تخلصت قال خلصت يدي من الكتاف وركبت هذا الفرس فلما أحسوا بي ركبوا ورائي وها هم في اثري بالقرب من باياعا قال فلما سمع ذلك يطالقون بن كنعان أمر بالركوب وسار من وقته طالبا يوقنا وقال هذا الذي أردناه من أمر الجهاد قد قربه الله الينا فدونكم والقوم ولم يمهل بعضهم بعضا وتطاعنوا بالرماح وصبر يوقنا صبر الكرام
(١٧٠)