عند أبي أن لا أقدر على الرجوع إلى بعلي والى المسلمين فقال لها يوقنا اعلمي انك إذا سرت بهذه النية فان الله جل وعلا يفتح عليك أبواب الخير وأمضى على ما أنت عليه وأنا لا بد لي أن أمضي برسالة الأمير عياض إلى أبيك وها أنا ابكر فإذا حصلنا هناك كان لنا من التدبير ما يريده الله ونصل إن شاء الله إلى ما نريد وعلمها ما تصنع وودعته وعادت فقالت إن هذا العديم العقل يلح علي ويعذلني لأجل أن ارجع وأعود عما عزمت عليه من الرجوع إلى دين المسيح ولولا أنني أخاف ممن معه ومن صاحب هذا الحصن أن يعينه علينا لكنت قبضت عليه ثم إنها ركبت وسارت تجد السير وأرسلت بعض غلمانها يبشر أباها بقدومها فلما وصل البشير ارتجت المدينة وركب أبوها والبطارقة وأهل البلد لملتقاها فلقوها عند خضريا فلما رأت أباها ترجلت وترجل أبوها والعسكر جميعه وصقعوا بين يديها وضمها أبوها إلى صدره وقال لها يا بنتي كيف كان أمرك قالت إن يرغون نصب علي ووصل بي إلى عسكر المسلمين وأسلم فلم يمكنني الا أن أطاوعه خيفة منهم إلى أن دخلوا ديار بكر فهربت إليك فصلب أبوها على وجهه وهنأها بالسلامة وركب وساروا والمواكب حولهم إلى أن دخلت البلد ودخلت دار المملكة فتلقاها الجواري والخدم وصقعوا لها وبكوا وبكت وأخرجت الصدقات والنذور للبيع والكنائس وباتت تحدثهم بما جرى لها وحديث شهرياض وكيف أخذت راس العين فقال أبوها يا بنية كيف رأيتيهم في دينهم قالت أيها الملك القوم يتظاهرون بالدين وانهم يطلبون الدين والعدل حتى يرجع الناس إليهم وليس والله دين أفضل من دين المسيح وقد نذرت نذرا متى خلصت من يد العرب أن لا أقرب قربانا ولا أشرب خمرا ولا آكل لحم خنزير ولا أنغمس في ماء المعمودية حتى أتعبد في بيعة يوحنا شهرين كاملين فإذا أنا تطهرت من دينهم أقرب القربان وأقبل الصلبان ففرح أبوها بذلك فلما كان الغد مضت إلى البيعة وأخلت لها موضعا وجعلت تتصدق على الفقراء وتظهر النسك والعبادة وأقامت تنتظر ما وعدها به يوقنا من القدوم بالرسالة إلى أبيها قال الواقدي حدثنا أبو محمد قال حدثني من أثق به عن قيس ابن هبيرة قال كنت من أصحاب يوقنا حين سار بالرسالة إلى بدليس وتحدث مع طاريون وأنفذ صاحب بدليس اليه وكان لما بلغه قدوم يوقنا صعد إلى حصنه فاستحضره وأنا معه فوجدناه على سرير مملكته فسلمنا عليه فقال يوقنا ان أمير جيوش المسلمين بأرض ربيعة وهو عياض ابن غنم قد أرسلنا إليك ندعوك إلى توحيد الله ورسالة نبيه ولكم ما لنا وعليكم ما علينا واعتبر
(١٧٤)