فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٦٤
يسمع ولا شافع يشفع ولا مانع يمنع ولا دافع يدفع ولا قلب يخشع حتى إذا ولى الليل ونزع والصباح عول على أن يطلع وخالد يصيح ضياح السميذع حتى انطوى الليل بمطارف الدجى عند انتشار رايات الضيا فنظر أهل البلد إلى ما حل بهم ونزل عليهم فاقبلوا إلى دار الامارة يطلبون الملكة مريم فلم يجدوها قال وكان السبب في ذلك انها سمعت بان الصحابة قد حصلوا في المدينة فعلمت انها لا تخرج من أيديهم فأخفت نفسها ومن معها ونزلت في سرب في دار الامارة وأخذت ما تقدر على حمله وخرجت من ذيل الجبل وطلبت بلاد الروم قال الواقدي فلما علم أهل المدينة أن ملكتهم هربت نادوا الغوث الغوث فرفعوا عنهم السيف وجمعهم الأمير اليه فاجتمعوا في ميدان المدينة فقال لهم عياض أما بعد فان الله تعالى قد نصرنا عليكم وصبرنا وظفرنا بكم ولولا أن الله جعل نبينا نبي الرحمة واسكنها قلوب المؤمنين لأبدناكم بالسيف عن آخركم ولكن قد أمرنا ربنا في كتابه بكظم الغيظ والعفو فقال الله تعالى والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ثم نظر فيهم فمن أسلم ومن لم يسلم ضرب يسلم الجزية عليه من عامه قال الواقدي وكان شاهد الجمع في فتح آمد زيد بن حالوك اليهودي وكان علاما بدين اليهودية والنصرانية وكان يزعم أنه من أولاد داود عليه السلام وكان بنو إسرائيل يعظمون شأنه ويأتونه بالهدايا والتحف وانه لما دخل عياض بن غنم رضي الله عنه إلى آمد وجمع أهلها في الميدان وتكلم المشايخ بما تكلموا به قام هو من وسط قومه وكان اسمه مليا بن حنيتا وعرف المسلمين بمكانه وأنه مقدم على بني إسرائيل وانه من ذرية داود قال أنتم أصحاب نبي الرحمة وان الله خلق الرحمة وأسكنها في قلوبكم وان الله فضلكم على سائر الأمم وقد أنزل في صحف إبراهيم وموسى يقول اني ابعث في آخر الزمان نبيا أميا وأجعل أمته أفضل الأمم وأسكن الرحمة في قلوبهم وبهم أباهي ملائكتي وابعثهم غرا محجلين من آثار الوضوء وان داود عليه السلام لما أصاب الذنب ونفر عنه الوحش خرج إلى فلاة من الأرض وقال الهي بحق النبي العربي الذي تبعثه في آخر الزمان الا غفرت لي فأجاب دعوته فقال عياض ان الله يحب العفو وقد عفونا عنكم فقال أهل المدينة فإذا عفوتم عنا نرجع إلى دينكم فاسلم أكثرهم وضربت الجزية على من لم يسلم في العام القابل على كل بالغ أربعة مثاقيل ذهبا وأخذوا سلاحهم وحملوا لهم شطر أموالهم فحملها وبنى البيعة المعروفة جامعا وأقام في آمد اثني عشر يوما وولى عليه صعصعة العبدي ومعه خمسمائة من بني
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»