بسم الله الرحمن الرحيم * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * ذكر غزوة مرج القبائل داخل الدروب فقال أبو عبيدة معاشر المسلمين هذا الشام قد ملكتموه وملككم الله إياه واخرج عدوكم منه بالذل والهوان وأورثكم أرضهم وديارهم كما قال الله تعالى في كتابه العزيز فما تشيرون به علي اندخل في هذه الدروب وراء أعدائنا فلم يجبه أحد فأعاد الكلام ثم قال ما هذا السكوت أفشل بكم بعد الشجاعة أم كسل بعد النشاط أم قد انتقيتم من الحسنات ولم يبق عليكم من الذنوب وان الحسنات لكم كثيرة ولم يبق عليكم خطيئة فالرغبة إلى الله ان يعينكم على الجهاد فهو خير لكم من الدنيا وما فيها قال فكان أول من تكلم ميسرة بن مسروق العبسي فقال أيها الأمير أنا لم نسكت لجزع لحقنا ولا لفزع رهقنا وانما بعضنا ينتظر بعضا اجلالا وأدبا وأعلم أيها الأمير انه ما لنا تجارة ولا عمل غير الجهاد في أعداء الله وها نحن لك وبين يديك ومنك الامر ومنا الطاعة لله ولرسوله ولك وأما أنا فلا أملك ألا نفسي فوجهني حيث شئت تجدني طائعا فقال أبو عبيدة معاشر المسلمين من له رأي وحضرته مشورة فليقلها ويظهر ما عنده فقال خالد أيها الأمير ان إقامتنا عن طلب القوم وهن وعجز منا في ديننا وطلبهم هو الغنيمة والنصر من عند الله والذي أشير به أيها الأمير أن تبعث الجيوش في كل درب من هذه الدروب فان ذلك يوهن العدو وتقر به أعين المسلمين قال فجزاه أبو عبيدة خيرا وقال يا ابا أبا سليمان اني قد رأيت أن أعقد لميسرة عقدا وأسير معه رجالا لأنه هو أول سارع إلى هذا الأمر وأشار به فيفتح الله لهم الدروب ويغير على ما من قرب من البلاد ويرجع فيخبرنا عن خبر البلاد فنعمل على حسب ما نرى فقال خالد هذا الصواب فعقد لميسرة وانتخب له من القبائل
(٥)