ساعده ثم إن من عجبه كتب عليها ان كل من يدعي الشجاعة فليزم بسهمه إلى جانب سهمي وكان قد شاع ذكره بذلك ولم يحضر قتال المسلمين منذ دخلوا دمشق فلما اجتمعوا عليه قال لهم بولص ما الذي حل بكم فأعلموه بما جرى عليهم من المسلمين وقالوا له ان كنت تريد حياة الأبد عند الملك وعند المسيح وعند أهل دين النصرانية فدونك والمسلمين فأخرج إليهم واخطف كل من تخلف منهم وان رأيت لنا فيهم مطمعا قاتلناهم فقال بولص انما كان سبب تخلفي عن نصرتكم لأنكم قليلوا الهمة لقتال عدوكم فتخلفت عنكم والآن لا حاجة لي في قتال العرب فقالوا وحق المسيح والإنجيل الصحيح لئن سرت في مقدمتنا لنثبتن معك وما منا من يولى عنك وقد حكمناك فيمن ينهزم أن تضرب عنقه ولا يعارضك في ذلك أحد قال فلما استوثق منهم دخل إلى منزله ولبس لامته فقالت له زوجته إلى أين عزمت قال أخرج في أثر العرب فقد ولاني أهل دمشق عليهم فقالت لا تفعل والزم بيتك ولا تطلب ما ليس لك به حاجة فاني رأيت لك في المنام رؤيا فقال لها ومال الذي رأيتي قالت رأيتك كأنك قابض قوسك وأنت ترمي طيورا وقد سقط بعضها على بعض ثم عادت صاعدة فبينما أنا متعجبة إذ أقبلت نحوك سحابة من الجو فانقضت عليك من الهواء وعلى من معك فجعلت تضرب هاماتهم ثم وليتم هاربين ورأيتها لا تضرب أحدا الا صرعته ثم اني انتبهت وأنا مذعورة باكية العين عليك فقال لها ومع ذلك رأيتيني فيمن صرع قالت نعم وقد صرعك فارس عظيم قال فلطم وجهها وقال لا بشرك المسيح بخير لقد دخل رعب العرب في قلبك حتى صرت تحلمين بهم في النوم فلا بد أن أجعل لك أميرهم خادما وأجعل أصحابه رعاة الغنم والخنازير فقالت له زوجته أفعل ما تريد فقد نصحتك قال فلم يلتفت إلى كلامها وخرج من عندها وركب وسار معه من كان في دمشق من الروم ففرضهم فإذا هم ستة آلاف فارس وعشرة آلاف راجل من أهل النجدة والحمية وسار يطلب القوم معركة حول دمشق وكان خالد في المقدمة وأبو عبيده يمشي مع الأموال والأغنام والجمال إذ نظر رجل من أصحابه وهو يتأمل الغبرة من ورائهم فسأله أبو عبيدة عن ذلك فقال أظنها غبرة القوم فقال أبو عبيدة أن أهل الشام قد طمعوا فينا وهذا العدو قاصد الينا قال فما استتم كلامه حتى بدت الخيل كأنها السيل وبولص في أوائلهم فلما نظر إلى أبي عبيدة قصده ومعه الفرسان وأخوه
(٥٠)