فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٦٦
النشاب عنهم وجردوا سيوفهم وضرار عاري الجسد بسراويله قابض على سيفه وهو يزأر كالأسد وأصحابه من ورائه فالتفت عدو الله ونظر إلى القوم وهم يتسابقون اليه وهو يظن أنهم قومه حتى أنهم وصلوا اليه ونظر في أوائلهم ضرار بن الأزور فقال لخالد سألتك بحق معبودك ان تقتلني أنت بيدك ولا تدع هذا الشيطان يقتلني فقال خالد هو قاتلك لا محالة فهز ضرار سيفه وقال يا عدو الله اين خديعتك من خديعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خالد اصبر يا ضرار حتى آمرك بقتله ثم وصل اليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهزوا سيوفهم في وجهه ومرادهم ان يقتلوه ونظر عدو الله إلى ما دهمه فوقع إلى الأرض وهو يشير بإصبعه الأمان الأمان فقال لخالد يا عدو الله لا نعطي الأمان الا لأهل الأمان وأنت أظهرت لنا المكر والخديعة والله خير الماكرين فلما سمع ضرار كلام خالد لم يمهله دون ان ضربه على عاتقه فخرج السيف يلمع من علائقه ثم أخذ التاج من على رأسه وقال من سبق إلى شيء كان أولى به وقد أدركته سيوف المجاهدين فقطعوه اربا اربا وتبادروا إلى سيفه فأخذوه ثم إن خالدا قال لأصحابه اني أريد ان تحملوا على الروم لأنهم مشتاقون إلى أصحابهم قال فأخذوا رأس عدو الله وردان وتوجهوا نحو عسكر الروم فلما وصل خالد الصفوف نادى يا أعداء الله هذا راس صاحبكم وردان انا خالد بن الوليد أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه رمى الرأس وحمل عليهم وحمل المسلمون وحمل أبو عبيدة وقال احملوا يا أهل القرآن وحفاظ الدين وحماة المسلمين فلما رأى الروم رأس وردان ولوا الادبار وركنوا إلى الفرار ولم يزل السيف يعمل فيهم من وقت الصباح إلى الغروب قال عامر بن الطفيل الدوسي كنت مع أبي عبيدة ونحن نتبع المنهزمين إلى طريق غزة إذ اشرف علينا خيل فظننا انها نجدة من عند الملك هرقل فأخذنا على أنفسنا وإذا بالغبرة قد قربت منا فإذا هي عسكر من ارسلها أبو بكر الصديق وما رأوا أحدا من المنهزمين الا قتلوه ونهبوا ما معه قال الواقدي وكان الروم بأجنادين تسعين ألفا فقتل منهم في ذلك اليوم خمسون ألفا وتفرق من بقي منهم فمنهم من انهزم إلى دمشق ومنهم من انهزم إلى قيسارية وغنم المسلمون غنيمة لم يغنم مثلها واخذوا منهم صلبان الذهب والفضة فجمع خالد ذلك كله مع تاج وردان إلى وقت القسمة وقال خالد لست اقسم عليكم شيئا الا بعد فتح دمشق إن شاء الله تعالى وكانت الوقعة باجنادين ليلة ست خلت من جمادي الأول سنة ثلاث عشرة من الهجرة النبوية وذلك قبل وفاة أبي بكر بثلاث وعشرين ليلة ثم إن خالدا رضي الله عنه
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»