عارا أكبر من هذا في بلاد الشام ان النسوة غلبنكم فاتقوا غضب الملك قال فافترق القوم وحملوا حملة عظيمة وصبر النساء لهم صبر الكرام فبينما هم على ذلك إذ أقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه ومن معه من المسلمين ونظروا إلى الغبار وبريق السيوف فقال لأصحابه من يأتيني بخبر القوم فقال رافع بن عميرة الطائي أنا آتيك به قال ثم أطلق جواده حتى أشرف على النسوة وهن يقاتلن قتال الموت قال فرجع وأخبر خالدا بما رأى فقال خالد لا أعحب من ذلك انهن من بنات العمالقة ونسل التبابعة وما بينهن وبين تبع الا قرن واحد وتبع بن بكر بن حسان الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ظهوره وشهد له بالرسالة قبل ان يبعث وقال * شهدت بأحمد أنه رسول * من الله بارىء كل النسم * وأمته سميت في الزبور * بأمة أحمد خير الأمم * فلو مد عمري إلى عصره * لكنت وزيرا له وابن عم * بطولة النساء قال الواقدي قال خالد لا تعجب يا رافع واعلم أن هؤلاء النسوة لهن الحروب المذكورات والمواقف المشهورات وان يكن فعلهن ما ذكرت فلقد سدن على نساء العرب إلى آخر الأبد وأزلن عنهن العار فتهللت وجوه الناس فرحا ووثب ضرار بن الأزور عندما سمع كلام رافع فقال خالد مهلا يا ضرار ولا تعجل فإنه من تأنى نال ما تمنى أيها الأمير لا صبر لي عن نصرة بنت أبي وأمي فقال خالد قد قرب الفرج انشاءالله تعال ثم إن خالدا وثب ووثب أصحابه وقال معاضر الناس إذا وصلتم إلى القوم فتفرقوا عليهم وأحدقوا بهم فعسى ان يخلص حريمنا فقالوا حبا وكرامة ثم تقدم خالد قال فبينما القوم في قتال شديد مع النسوة إذا أشرفت عليهم المواكب والكتائب والاعلام والرايات فصاحت خولة يا بنات التبابعة قد جاءكم الفرج ورب الكعبة ونظر بطرس إلى الكتائب المحمدية وقد أشرفت فخفق فؤاده وارتعدت فرائضه وأقبل القوم ينظر بعضهم بعضا قال فصاح بطرس يا معاشر النسوة ان الشفقة والرحمة قد دخلت في قلبي لان لنا أخوات وبنات وأمهات وقد وهبتكن للصليب فإذا قدم رجالكن فأخبرنهم بذلك ثم عطف يريد الهرب إذ نظر إلى فارسين قد خرجا من قلب العسكر أحدهما قد تكمى في سلاحه والآخر عاري الجسد وقد أطلقا عنانهما كأنهما أسدان وكانا خالدا وضرارا فلما رأت خولة أخاها قالت له إلى أين يا أبن أقبل فصاح بها بطرس انطلقي إلى أخيك فقد وهبتك له ثم ولى يطلب الهرب فقالت له خولة
(٥٤)